غيبوبة نادر
حكاية أغرب من الخيال لكنها واقع مش خيال، صديقي نادر اللي عايش في زمن نادر هو من أسرة مصرية بسيطة الحال مكونة من أب وأم وأخت صغيرة، أتخرج نادر في كلية الآداب قسم تاريخ بتقدير امتياز والأول على دفعته، انتظر أن يتم تعيينه معيدًا في الجامعة، كي يذاكر ويحصل على الماجستير والدكتوراة، لكن القدر له حكم آخر على نادر واللي زايه.
نادر معندوش واسطة، لذلك معرفش يبقى معيد في الجامعة، وكمان حلم الماجستير والدكتوراة ضاع، وبقى كل همه إنه يلاقي وظيفة محترمة يقدر يعيش منها ويفتح بيت ويتجوز. وبعد مرور عشر سنوات على التخرج، نادر بياخد مصروف من والده موظف الحكومة.
لكن نادر لم يهدأ له بال كي يحصل على وظيفة، فقامت الأم بعمل عدة جمعيات وقبضتها، وذهب نادر مع والده لأحد نواب البرلمان الذي أخد مبلغ من المال ووفر لنادر وظيفة، استلم نادر جواب الوظيفة، وقرر إنه يفرح حبيبته اللي مرهونة له منذ أكثر من عشر سنوات، لأنها تحبه وأخبرها نادر عبر الهاتف، أنه اشتغل وكل مشاكلهم هتتحل، وأثناء مروره فى الطريق صدمته سيارة سواقها شاب طايش دلوعة بابا وماما.
جاء رجال الإسعاف وقاموا بحمل نادر واصطحابه إلى المستشفى الحكومي وهو في حالة إغماء تام، وبعد الكشف عليه أمر الطبيب بوضعه في العناية المركزة، نظرًا لظروف حالته السيئة نتيجة الحادثة، حضر أصدقاء نادر وأهله، وخرج الطبيب ليخبرهم أن نادر دخل في غيبوبة الله وأعلم هيفوق منها إمتى، مرت شهور واندلعت ثورة 25 من يناير وسقط النظام، وجاء نظام جديد لابس جلابية ولحية.
وظل نادر 3 سنوات في الغيبوبة، وفي يوم من الأيام فاق من غيبوبته، معندوش علم بالوقت اللي فات، وكأن حادثة السيارة حدثت له من نصف ساعة، اكتشف الطبيب ذلك وأخبر أهله وأصدقاءه أن محدش يخبره بأنه في غيبوبة لمدة 3 سنوات.
ذهب "نادر" إلى منزله وحاول الجميع إخفاء خبر مرور 3 سنوات عليه، فى الصباح الباكر ذهب صديقي نادر لاستلام وظيفته الجديدة فوجد نفسه مفصول من وظيفته التي لم يستلمها، غضب وثار عليهم في العمل.
من ناحيه أخرى، اتصل نادر بحبيبته فلم ترد عليه فكرر بعد مشاورة أصدقائه الذهاب لبيتها ليجدها قد تزوجت ويخفون عنه خبر زواجها.
عاصر صديقي العزيز بعض الأزمات مثل انقطاع الكهرباء المستمر، انتشار القمامة، الأكمنة التي تقف بها لجان شعبية مظاهرات فئوية في كل مكان، وكان دائم الاستغراب أنه في حاجة غلط حدثت في البلد.
الأغرب، أن نادر مازال يعتقد أن النظام القديم هو الذي يحكم، عاش نادر في غيبوبة عن الحاكم، ولكنه لم يشعر بأي تغير بل وجد الأمور ترجع للخلف أكثر، وفي احد الأيام عرف نادر بأن البلد حدثت بها ثورة من أعظم الثورات رحب بها وأيد النظام الجديد.
عاش نادر حلم وتغير فوجد الوطن يتمزق، ويضيع ثأر نادر على النظام الجديد، وكان سببًا في إسقاط أصحاب الذقون والجلاليب، وغير نادر النظام بنظام آخر.
حاول نادر، أن يفهم كيف حدث ذلك، كانت النتيجة أن يصدمه سواق طائش بسيارة مجهولة ليدخل صديقي العزيز في غيبوبة فاق منها وهو فوق الستين من عمره، يا تري العيب في نادر.. ولا في مين؟