"شكري": أوروبا قلقة من التوتر في الشرق الأوسط
أكد وزير الخارجية سامح شكرى أن مصر موقفها واضح فى تضامنها مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج فى رفضها لأي تدخلات خارجية إيرانية أو غير إيرانية فى الساحة العربية تحقيقا وفرضا لنفوذ هذه التدخلات على الدول العربية، مشيرا إلى أن مصر سوف تستمر فى التنسيق الوثيق مع شركائنا فى دول الخليج دعما لكل هذه المبادىء وتهدئة للأوضاع دون التفريط فى المصلحة العربية.
وقال شكرى "إن الجانب الألمانى والدول الأوروبية يقلقها هذا التوتر فى الشرق الأوسط لتأثيره على الاستقرار وانتشار ظاهرة الإرهاب والمخاطر التى قد تنتج عن ذلك بالنسبة للساحة الأوروبية".
وحول التوتر السعودى الإيرانى المستمر ومحددات الموقف المصرى فى النقطة الراهنة وكيفية التفاعل مع الجانب الألمانى فى هذا الصدد، قال شكري "إن الأمن القومى الخليجى هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى.. ولكن فى نفس الوقت نحن نرى أهمية إحتواء الأزمات من خلال الوسائل السلمية ولكن دون التفريط فى الحقوق الخاصة بالدول العربية وأمنها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وإقامة علاقات على أسس من المصالح المشتركة وليس النفاذ لتحقيق نفوذ على حساب الدول الجارة".
وعن التنوع الكبير فى الملفات المطروحة خلال زيارته الحالية لألمانيا وعما إذا كان هناك تأسيس لأركان جديدة للشراكة المصرية الألمانية، وخاصة وأن زيارته الحالية تعقب تلك التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى برلين خلال الفترة الماضية، أكد وزير الخارجية أن كثافة الزيارات المتبادلة بين الحانبين وقوة الدفع الذى شهدته العلاقات بين القاهرة وبرلين بدأت بتوجيه الدعوة له العام الماضى لزيارة رسمية ألمانيا، وهو ما كان نقطة تغير للمنحنى الذى اتخذته ألمانيا بعد 30 يونيو وهو ما قاد إلى اللقاءات التى جمعت بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى إطار اجتماعات الأمم المتحدة ودافوس، والتى أيضا تعززت من خلال توجيه الدعوة الرسمية للرئيس والزيارة التى تمت خلال الصيف الماضى إلى برلين.
وأوضح شكرى أن استمرار الرغبة الألمانية فى التواصل على هذا المستوى العالى، خاصة وأن الزيارة الحالية هى الثانية بدعوة رسمية وبرنامج الزيارة الذى تجاوز لقاءات وزير الخارجية وشمل أيضا اجتماعات مع أربعة من وزراء الحكومة الفيدرالية وعدد وفير من أعضاء البرلمان الألمانى "البوندستاج"، جميعها تؤكد الرغبة من الجانبين لتعزيز العلاقات وتنميتها وتنويعها بشكل يحقق مصلحة البلدين، وأنها لن تحد من العلاقة فى شق أوحد ربما يركز عليه الإعلام وربما مراكز البحث الألمانية.
وتابع "أن الحكومة الألمانية تعى تماما العناصر المختلفة المرتبطة بعلاقة "صحية" بين البلدين وتتناول مختلف العناصر بالشكل المناسب، مشيرا إلى أننا نقدر أيضا أن هناك مجالات كثيرة نحتاج إلى تعزيز قدراتنا وإمكانياتنا بها ونستفيد من خبرات الآخرين فى إطار من الصداقة والاحترام المتبادل".
وحول توجيه مصر أصابع الاتهام بشكل مباشر أو غير مباشر لأطراف معينة بأنها تشجع على الإرهاب أو تتبنى تنظيمات إرهابية والآن يبدو أن السحر ينقلب مرة أخرى على الساحر، وعما إذا كانت هناك رسالة للدول التى لاتزال تحرص على احتضان تنظيمات إرهابية معينة وتوظيفها سياسيا لمصالح تخدم أجندتها، أكد وزير الخارجية على أن مصر تدين الأعمال الإرهابية أينما وقعت ولا ترى أى نوع من القبول لمثل تلك الحركات والتنظيمات فى زعزعة استقرار أى دولة، لافتا إلي أنه علي كافة الأطراف أن تراجع سياساتها ومواقفها ودرجة تواصلها مع مثل هذه التنظيمات والابتعاد تماما عن محاولة تحقيق مكاسب سياسية من خلال علاقات فى نهاية الأمر سوف تكتشف، مشيرا إلي أنها سوف تنقلب وتؤدى إلى مخاطر حقيقية بالنسبة لهذه الدول.
وبشأن ملف سد النهضة الذى يقع فى صدارة أولويات مصر وما يتردد عن تمويل بعض الدول أو مساعدة بعض الدول أو قيام بعض الدول بغض الطرف عن سلبيات هذا السد، وما إذا كان هذا الموضوع فى سبيله أن يطرح مع الجانب الألمانى أو الأوروبى بشكل عام، قال سامح شكرى وزير الخارجية "إن هذا الموضوع يتم التوضيح بشأن ما تم التوصل إليه من توافق فيما بين مصر والسودان وإثيوبيا، وأيضا توضيح العناصر المختلفة المرتبطة باتفاق إعلان المبادىء وأهمية إلتزام الأطراف الثلاثة بمواده لأننا وصلنا إلى وضع لم يكن متاحا من قبل من أرضية قانونية تتعامل مع قضية السد".
وأضاف "أنه يجب الحفاظ على هذه الأرضية وتوصيل الرسالة إلى الشركاء الأوروبيين، والتى توضح هذه الأمور وأيضا فكرة أهمية رصد وتقييم الأمر من خلال التنفيذ الأمين للبنود الخاصة بالاتفاق، وهذا على سبيل التشاور والشفافية والإحاطة، مشيرا إلي أن هذه الدول الأوروبية لها اهتمام من خلال علاقاتها مع مصر والسودان وإثيوبيا واهتمامها بالحفاظ على الاستقرار فى منطقة القرن الأفريقى وحوض النيل وعدم نشوب أي توتر فى المنطقة لما يؤديه ذلك إلى مزيد من الاضطراب على المستوى الدولى، وعلى مستوى العمل المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار العالمى".
وأوضح وزير الخارجية سامح شكري - في تصريحات للصحفيين ومراسلى وسائل الإعلام المصرية بألمانيا - أن هناك تعاونا مع مصر فى مجال المشروعات التنموية والعمل من خلال القطاع الخاص الألمانى للاستفادة من المشروعات الاقتصادية التى تعود بالنفع على الشركات الألمانية، والتى ما كنت لتقبل عليه إلا على أسس تجارية، وهذا أمر مقبول ومرحب به لأنه يمثل فائدة مشتركة".
وحول التباين فى الموقف الألمانى بين الموقف الرسمى وبعض وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الألمانية، قال شكري "إن هذا التباين لابد من النظر إليه فى الإطار السليم فليس هناك اختلاف على المستوى الرسمى، وهناك إثارة لبعض الملاحظات أو الرغبة فى التعرف على توجه قائم فى مصر فيما يتعلق بمجال تنفيذ المقررات المختلفة الواردة فى الدستور والمتصلة بإدارة الحياة السياسية فى مصر وموضوعات مرتبطة بقضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير وغيرها من الحقوق السياسية".
ولفت إلى أن حقوق الإنسان ليست قاصرة فقط على الحقوق السياسية، ولكن يجب أيضا النظر إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتصلة بحقوق الإنسان، مضيفا "هذا ما نوضحه للجانب الألمانى.. والاهتمام بهذه القضايا لا يجعل لها تأثيرا سلبيا على رغبة البلدين فى تعزيز العلاقات وإنما تمثل طرحا لرؤية وتوجه ومبادىء تعتز بها المجتمعات الغربية ومنها ألمانيا".
وتابع "ونحن أيضا نعتز بها ونعمل على تعزيز هذه المبادىء التى أصبحت مبادىء إنسانية جامعة، ونعمل على تفعيل كل ما تضمنه الدستور من مواد تحمى حقوق المواطن المصرى ليس تلبية لدعوة وإلحاح أحد وإنما لأنها هى مصلحة مرتبطة بنا كمواطنين مصريين وبنا كمجتمع فى طور التطوير والعمل على تنمية تحت ظروف ضاغطة وطاحنة فيما يتعلق بظاهرة الإرهاب والاضطراب القائم حولنا فى المحيط العربى والتحديات الاقتصادية والتحديات المتعلقة بتوفير موارد الرزق للشعب المصرى".
وبين أننا ننظر للأمور نظرة شاملة ونطرح على الشركاء ضرورة أن تكون نظرتهم شاملة وعدم إيلاء الاهتمام لشق أوحد فى معادلة مجتمع له هذا القدر من التعقيد والتحديات وأيضا فى طور التغيير المستمر المتصل بثورتي 25 يناير و30 يونيو.
وعن التيارات الإسلامية المتواجدة فى ألمانيا وعما إذا كان قد لمس تغييرا بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى برلين فيما يتعلق بالتعامل مع تلك التيارات ومن بينها "الإخوان"، قال الوزير شكرى "إنه يتصور أن السياسات التى تنتهجها الدول الأوروبية إزاء تنظيمات مثل الإخوان فى طور التطور والتغيير لمزيد من الإدراك لطبيعة هذه المنظمات وما تم توفيره لها من معلومات وقرائن على طبيعة هذه التنظيمات وانتهاجها لفكر متطرف إقصائى مع التبادلية فى الأدوار حتى تستطيع تلك التنظيمات فى نفاذها إلى الساحة والدول الأوروبية".
وأوضح أن التقرير الصادر عن المملكة المتحدة فيما يتعلق بتقييم تنظيم الإخوان بالتأكيد له وقع فى مراجعة كثير من الدول الأوروبية لعلاقاتها أو احتضانها أو توفير ملاذ لمثل هذه التنظيمات، مضيفا أننا نوضح الأمور وعلى الدول أن تتخذ القرارات التى تناسبها، معربا عن اعتقاده أن الأحداث الكثيرة التى تعرضت لها أوروبا من أعمال إرهابية سوف تؤدى إلى المزيد من الإدراك لطبيعة هذا الفكر المتطرف بغض النظر عن مستوى الالتصاق الظاهرى بالعنف أو ممارسته، لافتا إلي أن هناك إدراك أن الفكر المتطرف والإقصائى والمنهجية التى تتبع من قبل هذه التنظيمات جميعها متشابهة مع الاختلاف التكتيكى فى الأداء.
وعن الجالية المصرية فى ألمانيا وعدم السماح بإزدواج الجنسيتين المصرية والألمانية، قال وزير الخارجية "إن هذه القضية لابد أن نستمر فى التواصل مع الجانب الألمانى بشأنها لتطبيق ما يتم تطبيقه مع دول أخرى، موضحا أنه ليس هناك ما يمنع من تعديل الحكومة الألمانية لتشريعاتها بما يؤدى إلى توفير هذه الفرصة للمواطنين المصريين، خاصة وأنه بصفة عامة فإن الجاليات المصرية المتواجدة فى ألمانيا ساهمت فى الحياة الألمانية المرموقة وحققت نجاحات كبيرة، واستمعت من بعض أعضاء "البوندستاج" إلى تقديرهم للجالية المصرية وارتياحهم لطبيعتها وانتهاجها لأسلوب وسطى فى التعامل.. وبالتأكيد فإن السفارة والقنصليات المصرية سوف تستمر فى التواصل مع السلطات الألمانية لتحقيق هذا الهدف باعتباره مطلبا من قبل المواطنين المصريين فى ألمانيا".
وحول قضية اللاجئين السوريين وعما إذا كان يرى أن هناك خطة لتهجير السوريين السنة من قلب سوريا، قال شكرى "إن الأوضاع فى سوريا واستمرار القتل والصراع المسلح من الطبيعى أن يؤدى إلى نزوح السوريين عن بلادهم بحثا عن الأمن والأمان لأسرهم.. ولا أعتقد أننا نحتاج إلى تحليل أعمق من ذلك فى تناول مثل هذه الظاهرة".
ووصف الوضع فى سوريا بـ"المتدهور"، مشيرا إلى أننا نشهد عملية الحصار والتجويع والآثار المدمرة على الشعب السورى، معربا عن أمله أن يتم في القريب العاجل حل هذه القضية حتى يعود الأمان إلى سوريا ويحتفظ الشعب السورى بمقدراته والعيش علي أراضيه لأنه ليس هناك شعب يسعى لأن يكون مهاجرا أو خارج نطاق وطنه إلا لظروف ضاغطة مثل ما نشهده فى سوريا.
وأكد وزير الخارجية أن الجانب الألمانى اتخذ مواقف مبنية على مبادىء، حيث تم استقبال حتى الآن حوالى مليونا و100 ألف لاجىء سورى، موضحا أنها سياسة متسقة مع المبادىء والمعاهدات الدولية المرتبطة باللجوء، وأنه لا يتم إعادة توطين أى أحد خارج نطاق المعاهدات الدولية والقواعد ذات الصلة.