الدول العربية لا تقبل الأعمال العدائية لبلاد فارس.. إيران ترسخ الفكر الطائفي.. وتتدخل في شئون الجيران.. الجبير: خطوات تصعيدية حال استمرار طهران في عدوانها على المملكة
أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن المملكة العربية السعودية ستتخذ خطوات إضافية، حال استمرار إيران في عدوانها وانتهاكاتها ضد بلاده، مشيرًا في هذا الصدد إلى الخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في مجلس الأمن وعلى المستوى الوزاري العربي وطلبها بعقد اجتماع عاجل لمنظمة التعاون الإسلامي، لبحث الاعتداءات الإيرانية وتدخلاتها في الشئون الداخلية للمملكة.
واعتبر الجبير، في مؤتمر صحفي مشترك له مع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد والأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، في ختام الوزاري العربي الطارئ، مساء اليوم الأحد، إن رسالة طهران التي اعتذرت خلالها في مجلس الأمن، تضمنت مغالطات، مشددًا على أن ما حدث في طهران و"مشهد" من اعتداءات على المقار الدبلوماسية للسعودية، هو نتاج للتصريحات العدائية وسياسة التحريض التي تنتهجها إيران ضد المملكة العربية السعودية، واستمرار تدخلها في شئون المملكة، اعتراضًا على تنفيذ حكم قضائي بشأن مواطن سعودي.
ونفى "الجبير" في رده على أسئلة الصحفيين، وجود وساطة عربية لإزالة التوتر الحالي، مشيرًا إلى أن بعض الدول عرضت القيام بذلك، لكن المهم أن تكون هناك جدية من إيران بالأفعال وليس بالأقوال.
ووجه "الجبير" الشكر لكافة وزراء الخارجية العرب لموقفهم التضامني مع السعودية، واصفًا الموقف العربي الذي ظهر في قرارات المجلس بأنه "كان قرارا واضحا وقويا برفض التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للدول العربية وفي رفض دعمها للإرهاب والطائفية في الوطن العربي".
وقال الجبير إن "قرار اليوم قوي وواضح ويتماشى مع البيان الأخير الصادر عن مجلس الأمن وما صدر عن اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في الرياض، وهذه كلها رسالة واضحة لإيران بأن الدول العربية لا تقبل بالأعمال السلبية التي تقوم بها إيران".
ولفت إلى أن المملكة العربية السعودية وصلت إلى هذه النقطة في علاقاتها مع إيران ليس فقط بسبب الاعتداء الأخير على سفارتها وقنصليتها، ولكن على مدى تجربة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود رأينا فيها إيران تقوم بأعمال سلبية تتمثل في دعم الطائفية ومحاولة تجنيد أبناء البلدان العربية، ليقوموا بأعمال ضد أوطانهم بالإضافة إلى دعمها لميليشيات وإرسالها لتقوم بأعمال عنف في الدول العربية، وهذه السياسات أدت على مدى العقود الأخيرة لوصول رسالة سلبية إلى الدول العربية ومنها السعودية، لنقول "كفى لمثل هذه السياسات".
وتابع "الجبير": "إذا كانت إيران تريد أن يكون لها دور إيجابي في المنطقة، فعليها أن تتعامل مع جيرانها وفق مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين ورفض الإرهاب وليس دعمه"، مؤكدًا إذا فعلت إيران ذلك فستعيش في المنطقة كدولة جارة وإذا استمرت على نهجها العدواني الحالي الطائفي الداعم للإرهاب فستواجه معارضة من الدول العربية، وهذا كان مضمون الرسالة التي خرج بها وزراء الخارجية العرب اليوم.
وفي رده على سؤال حول مدى وجود تصور سعودي لإدارة الصراع مع إيران، قال الجبير إننا "لا نريد صراعًا طائفيًا، وإيران تتدخل في شئون الدول العربية تحت زعم حماية الطائفة الشيعية وخلقت فتنة بينهم وبين الدول التي يعيشون فيها، وبالنسبة لنا في المملكة فإن خطواتنا هي رد فعل تجاه ما تتخذه إيران ولم نجند أحدا ضد إيران ولم نجند ميليشيات ضدها كما تفعل في الأراضي العربية".
وأضاف "الجبير" "ليس لدينا مشكلة مع الشعب الإيراني الذي بدوره يرفض سياسات بلده التي ستجعل إيران في عزلة عن العالم"، داعيًا إلى توحيد الصف في مواجهة سياسة إيران غير المنطقية.
وفيما يتعلق بتأثير الخلاف السعودي- الإيراني على حل الأزمة السورية واجتماع جنيف في 25 يناير الجاري، قال الجبير، إن "السعودية تدعم المعارضة السورية وتدعم الجهود الدولية بغض النظر عن خلافتنا مع إيران والتي تتدخل في الصراع وتدعم النظام السوري، وهو الأمر الذي أدى إلى مقتل 250 ألف سوري وتشريد 12 مليون سوري آخرين ولدينا خلاف مع إيران في هذا الشأن".
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، إن وزراء الخارجية العرب أكدوا خلال كلماتهم ومناقشاتهم بأننا كعرب لا نريد صراعا مع إيران أو مواجهة أو حربا. بل نحن في دولنا نريد أن ندفع بالتنمية لشعوبنا ومنطقتنا ودولنا، ونعتقد أن المنطقة العربية فيها من الخير الكثير من البشر والثروات ما نستطيع أن نلبي من خلاله آمال شعوبنا، ولكن للأسف صار لنا سنوات من الصراعات والمماحكات التي لم تسمح لنا أن نعمل في هذا الاتجاه".
وأضاف أننا نقبل من إيران إذا كانت لا تريد أن تضرنا ولا تنفعنا، فهذا حل مُرضٍ لنا جميعًا لكن مع الأسف العمل مع إيران فيه خير وشر وغالبا الشر أكبر من الخير وإلى أن تعقل وتنضج ايران من النفس الثوري الذي هي فيه والتي في كثير من الأحيان تستغل شعبها ومواطنيها لرسم هذه الهالة الثورية الدينية وأحيانا الشيفونية، نعتقد أننا سنبقى في هذا الوضع، لكننا جميعًا نريد علاقة طبيعية مع إيران وعلى إيران أن تثبت ذلك بالقول والفعل حتى نقيم معها هذه العلاقة الطيبة".
وردًا على سؤال عما إذا كان الاعتذار الإيراني يعتبر مُرضيًا للدول العربية والسعودية، قال الشيخ عبد الله بن زايد، إنه "مقبول في الظروف الطبيعية ومن الدول التي تستطيع أن تنفذ قراراتها وليس من الدول التي لم تقرر إلى الآن هل هي ثورة أم دولة؟ وهذا السؤال سُئل إلى أخي وزير الخارجية السعودي :هل إيران دولة أم ثورة؟ وإلى أن تجاوب إيران على هذا السؤال أعتقد من الصعب أن نتعامل مع إيران بجدية".
وفي رده على سؤال عن عدم قطع الإمارات علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على غرار ما قامت به السعودية والبحرين، وهل كان السبب هو علاقتها التجارية مع ايران، قال الشيخ عبد الله بن زايد، إن "حجم التجارة الخارجية لدولة الإمارات يتجاوز 400 مليار دولار أمريكي، بينما حجم التجارة مع إيران لا يمثل سوى 4 في المئة من هذا الرقم"، مشيرًا إلى أن التجارة الخارجية تشكل عَصب الحياة الاقتصادية في الإمارات، وقال "على سبيل المثال موارد قطاع واحد مثل السياحة في الإمارات يزيد عن حجم التجارة مع إيران بكثير، حيث يبلغ عدد السياح الذين يقومون بزيارة الإمارات في العام 17 مليون سائح يشكلون 8.3 في المئة من الدخل القومي".
وتابع الشيخ عبد الله بن زايد: "صحيح أن هناك علاقة تجارية تاريخية مع إيران في الستينيات والسبعينيات كانت تشكل العصب الرئيسي من التجارة الخارجية بين البلدين ولكن اليوم لا يشكل حجم التجارة بيننا رقمًا كبيرًا في الدخل القومي".
وأضاف أن وسائل الإعلام ذكرت أن في الإمارات نصف مليون إيراني، في حين يوجد بها أقل من 90 ألف إيراني وهذه حقائق، كما ذكروا أيضًا أن أعداد الشركات الإيرانية في الإمارات تبلغ 10 آلاف، بينما لا تتعدى الشركات الإيرانية 200 شركة على أرض الواقع "فأرجو ألا نضخم الأمور ونحملها أكثر مما تحتمل".
وقال إن "مسألة قطع العلاقات الدبلوماسية بين أي دولة واُخرى يجب أن يكون نتيجة لعمل عدواني مباشر على هذه الدولة وأنا متأكد أن ما حدث على السفارة والقنصلية السعودية في ايران هو عمل عدواني على السعودية، وبالتالي يعتبر عملاً عدوانيًا أيضًا على دولة الإمارات ولكنني لا أستطيع أن أبرر قطع العلاقات الدبلوماسية وقمت بثاني أقل ضرر للعلاقة ألا وهو تخفيض مستوى هذه العلاقة ولكن هذا لن يثنيني "كإمارات" عن أخذ أي خطوات إضافية لدعم ومساندة المملكة العربية السعودية بأي شكل كان".
وأضاف "نحن اليوم في الإمارات نحارب مع المملكة العربية السعودية في إطار التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بالآلاف من جنودنا"، معلنًا وقوف دولة الإمارات التام مع المملكة العربية السعودية، وقال إن "مصالحنا التجارية لن تغلب مصالحنا السياسية".
وأشار إلى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قام بوقف تصدير البترول عن الولايات المتحدة وهولندا لتقديمها الدعم لإسرائيل في حرب 1973 وبالتالي أرجو ألا تأتيكم أي انطباعات خاطئة تجاه دولة الإمارات ومواقفها الداعمة للدول العربية.
وأكد وزير خارجية الإمارات، أهمية الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب الذي عقد اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برئاسته والذي دعت إليه المملكة العربية السعودية، لبحث تداعيات الاعتداء الإيراني على البعثة الدبلوماسية للمملكة، فضلا عن توتر العلاقات العربية- الإيرانية بسبب تدخل إيران في الشئون الداخلية العربية والقضايا العربية.
وأضاف أن الاجتماع أعرب عن دعمه القوي لموقف المملكة العربية السعودية أولا فيما يتعلق بسيادتها وعدم التدخل في قراراتها، فضلا عن مسألة الإعتداء على مقراتها، وما اتخذته من قرارات سياسية ضد كل من يحاول زعزعة الأوضاع لأي من بلداننا.
وقال الشيخ عبد الله بن زايد، إن "الاجتماع شهد بعد الكلمات الرسمية مداولات حول التطورات، فضلا عن قيام وزير خارجية السعودية عادل الجبير بعرض معمق لبعض التطورات، ولماذا وصلنا إلى هذه المرحلة مع إيران ولم نكن نصل إليها لو كانت الجارة إيران تتصرف مع الدول العربية ومع بلداننا ومواطنينا وشعوبنا بطريقة تحترم سيادة الأوطان والدول".
وأضاف أن ما حدث من اعتداء على البعثة والقنصلية السعودية، هو اعتداء سافر على القانون الدولي، فضلا عن أن هناك تراكمات عديدة منذ بداية الثورة الإيرانية وهناك دائما مناغصات في هذه العلاقة.
وأكد الشيخ عبد الله بن زايد، أن البيان والقرار الذي صدر في ختام الاجتماع أن كل الدول العربية وافقت عليه ما عدا لبنان، امتنعت عن التصويت على القرار واعترضت على البيان.
وفي رده على سؤال حول القضايا التي مناقشتها خلال الاجتماع، قال إن كل القضايا بين الدول العربية وإيران ناقشناها بعمق سواء أن كانت تتعلق بالإمارات أو بالبحرين أو اليمن أو المملكة العربية السعودية أو الملف السوري والتدخلات في لبنان والعراق بحثنا كل هذه الملفات".
وأضاف " صحيح أن ايران في نهاية الأمر جار لنا لكننا لا نستطيع أن نحدد هوية هذا الجار، وعلى إيران أن تحدد أي جار تريد أن تكون، هل تريد أن تكون جارا صالحا أو تريد أن تكون جارا عبثيّا؟، وقال "مع الأسف إلى الآن نرى العبثية من إيران ونرى من إيران الاهتمام بإصلاح علاقتها مع الغرب وليس مع الإقليم ولو قامت إيران ببذل نفس الجهد الذي بذلته لرفع العقوبات عنها وإنهاء خلافاتها مع دول( 5+1) حول القضايا النووية بنفس هذا الحماس كانت سوف تحل كل خلافاتها مع دول المنطقة، ولكن مع الأسف لانرى جدية ربما نسمع حديثا ولكن لا نرى أفعالا، وفي الحقيقة نرى أفعالا سلبية فلابد أن تتوقف إيران عن سلبياتها في المنطقة لكي تثبت حسن نيتها تجاهنا".
وفي رده على سؤال حول ماذا كان هناك وساطة تقوم بها دولة عربية لحل الأزمة مع إيران، قال الشيخ عبدالله بن زايد "في الحقيقة لم أسمع عن قيام أي وساطة بينما بعض الزملاء من وزراء الخارجية العرب قاموا بالاتصال بعدد من المسئولين الإيرانيين ولم تكن هناك أي بادرة من الجانب الإيراني حتى نسميها وساطة، بينما يمكن أن نطلق عليها اتصالات".
وأوضح أنه في السياسية لا يوجد شيء اسمه رفض الوساطات ولا يوجد خلاف أمد الدهر، فإيران ستبقى جارًا لنا وعلينا أن نتعامل معها على هذا المنهج ولكن هل نحن نستطيع أن نعيد العلاقة مع ايران كسابق عهدها دون أن نعالج هذه المشاكل بيننا؟.
وفيما يتعلق بالملف السوري، قال إن هناك آمالا معلقة على الاجتماع الذي سيعقد يوم 25 يناير الجاري في جنيف للمعارضة السورية التي تم تشكيلها وتكليفها في الرياض مع وفد النظام السوري وبناء عليه، الدول العربية والدول المنضوية تحت "إعلان فيينا" ستدعم هذا المسار، ولكن لاشك أنه مسار معقد ونحن لانريد أن نتحدث نيابة عن الإخوة في المملكة العربية السعودية ولكن سمعنا منهم أن هذا لا يؤثر على سير الحوار السياسي بين الأطراف السورية".
ومن جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي أن ما توصل إليه وزراء الخارجية العرب من قرار يؤكد شعور الدول العربية بالقلق بقوة من تدخل دول الجوار خاصة التدخلات الإيرانية المستمرة في شئون الدول العربية.
وقال "العربي"، إن القرار يعكس الدعم العربي الكامل للمملكة العربية السعودية حتى إن العراق أيد القرار رغم وجود ملاحظات لها ، أما لبنان فكان لديه مشكلة نظرا لوجود حزب الله في تشكيلة الحكومة الحالية وهذا يمثل حرجا على الحكومة اللبنانية"، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل أكد خلال الاجتماع احترامه للتضامن العربي والتزامه بسياسة الحكومة اللبنانية القائمة بالنأي بلبنان عن الأزمات المشابهة ولذلك امتنع لبنان عن التصويت على القرار واعترض على البيان، ولكن كان الدعم العربي كاملا في القرار وهذا كان أمرًا متوقعًا.
وأضاف أنه تم تكليف الأمين العام للجامعة العربية بتشكيل لجنة وزارية عربية والاتصال بأعضائها وهم وزراء خارجية الإمارات والبحرين والسعودية ومصر بالإضافة إلى الأمانة العامة للجامعة العربية لمتابعة تطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي للتدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للدول العربية ورفع نتائج ذلك إلى أقرب اجتماع وزاري قادم .
وأكد العربي أن هذه اللجنة تعتبر الآلية لمتابعة تنفيذ هذا القرار وإعداد تقرير لرفعه لوزراء الخارجية العرب سواء في دورة مارس العادية أو عقد جلسة خاصة في أقرب وقت ممكن إذا اقتضت الضرورة بالإضافة إلى عرض الأمر على اجتماع وزراء الخارجية العرب في الإمارات في 25 يناير الجاري والذي تم الاتفاق على أن يتم خلال هذا الاجتماع مناقشة كل التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي وتدخلات دول الجوار في الشأن العربي بشكل معمق وذلك لإيجاد وسيلة لصد تلك التدخلات ووقفها نهائيا وهو ما نرجوا أن يحدث.
وردا على سؤال حول ما أعلنه وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أمس السبت بوجود مبادرة عراقية بالوساطة بين إيران والسعودية ، قال العربي "إن ما تحدث عنه وزير خارجية العراق هو عناصر تتحدث عن التهدئة وتخفيف التوتر وليس الوساطة".