لغط حول الموقف السوداني من اتفاقية "عنتيبي" يربك حسابات القاهرة.. "الري السوداني": مستعدون لإقناع السيسي بالتوقيع على "حوض النيل".. وخبراء: الخرطوم لم تعد حليفة لمصر
"علام": السودان لم يعد حليفا لمصر
"عوض": خرق
لاتفاقية 59
"ياسين": الموقف
الرسمي السوداني يتوافق مع المصري
من حين
لآخر يظهر بوضوح هذا الانقسام المصري السوداني في المواقف الخاصة بقضايا حوض
النيل، ومع وجود تباين معلن حاليا بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق،
والذي تدعم بناءه الخرطوم، وترفضه القاهرة، بل وبات هناك أيضا انقسام جديد بشأن
اتفاقية التعاون لدول حوض النيل "عنتيبي" الموقعة عام 2010، والمؤشرات
تؤكد نوايا السودان للانضمام للاتفاقية التي سبق واتحد الخرطوم مع القاهرة في
رفضها، وهي الاتفاقية التي وقعتها 6 من دول منابع النيل هي "إثيوبيا، وكينيا
وتنزانيا، وروندا، بوروندي, أوغندا"، وأقرها 5 من برلمانات هذه الدول، بينما
لم توقع عليها دول مصر والسودان والكونغو وجنوب السودان لوجود خلافات معقدة على
صياغة الاتفاقية.
وجاءت
معارضة مصر والسودان لاتفاقية عنتيبي باعتبارها لا تعترف بحقوقهما التاريخية من
مياه النيل والتي تنص عليها اتفاقيتا 1929 و1959 بتحديد حصة سنوية من النيل بمقدار
55,5 مليار متر مكعب لمصر، و18,5 مليار متر مكعب للسودان.
تصريحات
وزير المياه السوداني معتز موسى في 7 أكتوبر 2014 خلال مشاركته بالمنتدى الرابع
للتنمية في دول حوض النيل والذي عقد في "نيروبي" كانت بمثابة مفاجأة
للقاهرة عندما أعلن أن بلاده سوف توقع على الاتفاقية الإطارية لحوض النيل حال
إقرارها من برلمانات الدول الست الموقعة، وقال "موسى" إنه على استعداد
لاصطحاب وزراء ري حوض النيل والذهاب للرئيس السيسي لإقناعه بالتوقيع على الاتفاقية
وفوائدها مؤكدا ان مجلس الحكماء يقوم أيضا بمجهودات خارقة لإقناع مصر باستمرار
نشاطها بمبادرة حوض النيل وان التعاون سيحقق المزيد من المصلحة للجميع.
وأيضا
جاءت كلمة وزير المياه السوداني السابق المهندس سيف الدين حمد خلال رئاسته الجانب
السوداني في اجتماعات الهيئة الفنية المصرية السودانية الدائمة المشتركة لمياه
النيل والتي عقدت في 15 سبتمبر 2015 بالخرطوم لتؤكد تلك النوايا السودانية باتجاه
توقيع اتفاقية "عنتيبي"، وحيث قال حمد: "إن وجود مصر خارج نطاق
اتفاقية التعاون لدول حوض النيل، أمر لا يقبله العقل ولا المنطق"، مطالبا
بضرورة أن تعيد مصر النظر والدراسة بشأن مراجعة موقفها الحالي من الاتفاقية
الإطارية حتى تعود طبيعة العلاقة بين دول حوض النيل إلى سيرتها الأولى، وللمحافظة
على حقوق أجيالنا الحالية والمستقبلية من مياه النهر العظيم.
زيادة الضغوط السياسية على مصر
الخبراء المصريون عبروا عن الكثير من القلق تجاه تلك التصريحات
السودانية وحيث أكد وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق محمد نصر الدين
علام في حديث خاص لـ" العربية نيوز" أن تلك التصريحات للمسئولين
السودانيين تؤكد أن السودان لم يعد حليفا لمصر في القضايا المتعلقة بحوض النيل،
وهو ما يهدد الاتفاقيات المشتركة بينهما والتي تلزم باعتبار الدولتين وحدة واحدة في
التعامل مع ملف مياه النيل، وأضاف علام "الموقف المصري باتجاه قضية أزمة سد
النهضة والذي فيه نوع من التخبط، هو ما أدى لزيادة الضغوط السياسية عليها باستخدام
ورقة مياه النيل".
توقيع الخرطوم لاتفاقية
عنتيبي هو إعلان لخرق السودان اتفاقية 1959
ومن جانبه أكد هيثم عوض رئيس قسم الري وهيدروليكا المياه
بجامعة الإسكندرية لـ"العربية نيوز" على أن توقيع الخرطوم لاتفاقية
عنتيبي هو اعلان لخرق السودان اتفاقية 1959 والموقع مع مصر، والتي ينص البند
الخامس بها على أن الدولتين مصر والسودان لابد أن تتفقا على وجهة نظر واحدة في أي
مفاوضات خاصة بمياه النيل مع الدول الأخرى.
ووفقا
لـ"عوض" فإن دولة جنوب السودان هي الأخرى ملتزمة بتوحيد الموقف مع مصر
فيما يخص قضايا حوض النيل، ونظرًا لأن اتفاقية 59 كانت موقعة بين مصر والسودان ككل
شماله وجنوبه.
وأضاف
"أعتقد أن خوف جنوب السودان من خرق اتفاقية 1959، والموقعة بين مصر والسودان
قبل انفصاله هو السبب وراء تراجع جوبا عن قرار التوقيع على اتفاقية عنتيبي في عام
2013".
وكانت
جنوب السودان قد أعلنت في عن عزمها توقيع اتفاقية "عنتيبي" في يونيو
2013، ورغبتها هي الأخرى في اعادة تقاسم الحصص من مياه نهر النيل، وهو الأمر الذي
عادت وتراجعت عنه وأعلنت ارجائها للتوقيع، وبحسب تصريحات للمسئولين بحكومة جنوب
السودان فإن جوبا مازال لديها الاصرار على الانضمام الى اتفاقية "
عنتيبي" وباعتباره أمرا لا مفر منه ويحقق الكثير من المنفعة.
لن نعتد بأي
تصريحات لم تبلغ لنا بشكل رسمي
وعقب مستشار وزير الري
للسدود ومياه النيل، علاء ياسين قائلا
لـ"العربية نيوز": "الموقف الرسمي السوداني مع القاهرة فيه تأكيد
باستمرار على الالتزام بالاتفاقية المشتركة لإدارة مياه النيل، ولن نعتد بأي
تصريحات لم يتم ابلاغها لنا على المستوى الرسمي".
المشهد
الحالي في حوض النيل يتجه الى مزيد من التعقيد، في ظل إصرار إثيوبي على المضي قدما
بإنشاء سدود عملاقة على النيل دون موافقة القاهرة، وتكتل اثيوبي مع غالبية دول منابع
الهضبة الاستوائية من أجل تصديق كافة برلمانات الدول الموقعة على
"عنتيبي" لإتمام الإجراءات اللازمة لدخولها حيز التطبيق، وبدء العمل بها
دون الاعتداد بالاتفاقيات القديمة المنظمة لمياه النيل أو حتى الاعتداد بالرفض
المصري لإتمام هذه الاتفاقية . .