"انتخابات الدم بين أحفاد العثمانيين".. أردوغان يستخدم العنف ضد "العمل الكردستاني" لتثبيت أقدامه.. ويؤكد ولاءه لجماعات التطرف الإرهابية
أسدل الستار على الجدل الدائر بتركيا حول مستقبل أيدلوجية الإسلام السياسي المسيطرة على مجريات الأمور هناك، بعدما فاز حزب العدالة والتنمية في انتخابات "الدم" التشريعية المعادة، والتي أجريت بين أحفاد العثمانيين في الأول نوفمبر الجاري بعد خمسة أشهر فقط من الاقتراع الذي أدى إلى خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد ثلاثة عشر عامًا من الحكم المتواصل.
ويرى الخبراء أن السبب الرئيسي في هذا الوضع هو تجدد أعمال العنف في الأشهر الأخيرة بين القوى الأمنية الحكومية وحزب العمال الكردستاني والتي انطلقت شرارتها من جديد في يوليو الماضي، وسقوط أعداد متزايدة من الضحايا، ما أدى إلى انهيار وقف إطلاق النار المستمر منذ عامين.
وتأزم الوضع بعدما لقي 16 جنديًا مصرعهم في يوم واحد في هجوم داجليكا في السادس من سبتمبر الماضي؛ وبحسب التقارير مستقلة يفوق مجموع الجنود ومسؤولي الشرطة الذين قضوا في القتال، 160 شخصًا.
من جانب آخر، شهدت تركيا أخطر هجوم إرهابي على امتداد 92 عامًا من تاريخها، عندما نفذ انتحاريان - يقال إنهما على صلة بتنظيم "داعش" الارهابي - تفجيرَين في العاصمة أنقرة في العاشر من أكتوبر الماضي، ما أسفر عن سقوط أكثر من مئة قتيل في صفوف المدنيين.
ويقول الخبراء إن ذلك الوضع دفع بالرئيس التركي رجب طيب أردغان إلى الحديث عن ضرورة توحيد الصف من أجل استقرار البلاد، وبالفعل حدد خطاب حزب العدالة والتنمية السياسي قبل الانتخابات أهداف الحزب التي تتمثل في الاستقرار والأمن والوحدة.
ووسط ارتفاع معدلات الاضطرابات الداخلية والتهديدات بشن تنظيم داعش هجمات في البلاد والالتباس بشأن مستقبل عملية السلام مع الأكراد، ربطت الحكومة الانتخابات بخطر الفوضى في حال لم يمنح الناخبون تفويضا قويا لحزب العدالة والتنمية كي يحكم البلاد لولاية إضافية أخرى على الأقل.
انطبعت الحملة الانتخابية بردود فعل الفرقاء السياسيين على تنامي العنف السياسي، فمع احتدام القتال ضد الأهداف التابعة لحزب العمال الكردستاني، ظهرت من جديد ممارسات سلطوية في جنوب شرق البلاد مثل فرض حظر التجوال لفترات مطوّلة والحضور الأمني المكثّف، وقد سعت هذه الممارسات فضلاً عن الرابط المتكرّر الذي أقامه التكنوقراط في حزب العدالة والتنمية ووسائل الإعلام الموالية للحكومة بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني، إلى إنجاز مهمتين الأولى حشد أصوات القوميين الأتراك الذين تخوفوا من عودة أعمال العنف التي شهدتها البلاد في التسعينيات، والثانية إقناع الأكراد المحافظين اجتماعياً الذين وقفوا تاريخياً إلى جانبه بأن حزب الشعوب الديمقراطي ليس صديقاً لهم، وقد عمد حزب العدالة والتنمية هذه المرة إلى تغيير قوائم مرشّحيه في المناطق الكردية الأساسية، آخذاً في الاعتبار التفضيلات المحلية، ومسلطا الضوء على شخصيات بارزة بإمكانها استنهاض الولاءات السابقة.
من جانب آخر، قدم العديد من راكز الابحاث المستقلة في تركيا تحليلا حول انتاخبات يونيو الماضي والتي باءت بالفشل أن ناخبو حزب الحركة القومية شكلوا النسبة الأعلى بين الأشخاص الذين أقروا بأنه تمت استعارة أصواتهم لأغراض استراتيجية.
فيما تمكن حزب "العدالة والتنمية" من استعادة الأصوات المحافظة القومية بسبب تعنت حزب الحركة القومية خلال المباحثات لتشكيل ائتلاف حكومي، والحملة القوية التي شنها حزب العدالة والتنمية لمكافحة الإرهاب.
الوضع الذي نتج عنه ارتفاع نسبة الأصوات التي نالها حزب العدالة والتنمية في ديار بكر يوم الأحد الماضي إلى 22 في المئة، بعدما كانت 14 في المئة في يونيو الماضي، لقد استعاد الحزب، على الأقل جزئياً، قدرته على القول بأنه يمثل الكتلة الناخبة المناصرة للأكراد في الجزء الشرقي والجنوبي الشرقي من البلاد.