الفن إصلاح وتهذيب وأخلاق
استوقفت كثيرا وأعطيت نفسي وقتا من الراحة كي أفكر في عنوان يليق بمكانة وعراقة الفن المصري والذي يمثل كل أطياف المجتمع من مثقفين وعمال وحرفيين وأيقنت أن يكون عنوان هذا المقال تكريما للإبداع الذي أظهرته السينما المصرية علي مدي تاريخها.. فكان عنوان المقال أن الفن أصلاح وتهذيب وأخلاق.
ولكن متى كان الفن أصلاح وتهذيب وأخلاق دعونا نسترجع ذاكرة الفن والإبداع في الماضي حينما كانت الأعمال الفنية تبني وتساهم في بناء الأخلاق والإصلاح المجتمعي والتهذيب في الذوق العام حينا ذاك فلا أحد ينسي فيلم كلمة شرف للفنان فريد شوقي، والذي أثار قضية هامة وهي زيارة السجين لأهله ومحبيه، وأيضا فيلم جعلوني مجرما والذي أسقط السابقة الأولي عن السجين كي يستطيع أن يعيش وسط المجتمع في حياة كريمة لا تعوقه السابقة الأولي في فرصة الحصول علي عمل وأيضا من الأعمال التي أعطت الحرية والديمقراطية بين الأبناء وأبائهم في حدود الأخلاق والأدب إمبراطورية ميم للفنانة الراحلة فاتن حمامة، ومن الأعمال التي رصدت سلبيات في المجتمع نرصد منها فيلم "هي فوضى" للفنان خالد صالح لذلك كان الفن أصلاح وتهذيب وأخلاق ..
ولا شك أن الفن المصري يعيش هذه الأيام حالة من الهبوط الغير أخلاقي أو إصلاحي حينما تتحول السينما المصرية إلى أعمال لا قيمة لها إلا ترويج الفكر الضال والانحصار ما بين البلطجي والراقصة والمطرب الشعبي وفقدان البريق الفني والإبداع الحقيقي لتلك الصناعة العريقة.. عكس ما كان يقدم في السابق حينما كانت السينما المصرية رائدة في االبناء والإصلاح المجتمعي.. الفن هو القوة الناعمة التي تستطيع أن تبني بها شعوب أو تهدمها من خلال الترويج المجتمعي الذي يظهر في تلك الصناعة فهل انحصر الشعب المصري وفكره ما بين الراقصة والطبال والبلطجي.
أوجه لومي علي القائمين علي تلك الصناعة فيما يقدمونه وبعد أن اثبت لهم الشعب انه قادر علي التصدي لتلك الإعمال المشوه وذلك بعد ظهور الهاجمة الشرسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تهاجم صناع هذا الفكر البغيض والذي يهدم المجتمع ويساعد علي ظهور أشياء لم تكن موجودة من قبل في المجتمع المصري مثل ظاهرة التحرش ورقص الشباب الهستيري وقصات الشعر الغريبة التي يقوم بها بعض الشباب.. ولكن الغريب من تلك الظاهرة هو ابتعاد الدولة عن تلك الصناعة، فأين دور الرقابة التي أعطت التصاريح لخروج تلك الأعمال وعرضها في دور العرض المصرية والعربية؟ لتظهر أن الشعب المصري منحصر ما بين الراقصة والطبال والبلطجي فمحاربة هذا الفكر لم يأت إلا بعودة دور الدولة في السيطرة على تلك الصناعة العريقة في إنتاج أعمال قوية ذات فكر ومضمون وتليق بالذوق العام المجتمعي، وتحارب الفكر الآخر علما بأن السينما هي ثقافة الشعوب وهي مرآة المجتمع لتسليط الضوء علي بعض الأحداث المجتمعية سواء إيجابية أو سلبية فهل سيكون للدولة في الفترة القادمة دور في عودة الإنتاج السينمائي للتصدي لمن احتكروا تلك الصناعة ويتحكمون فيها ببث هذا الفكر البغيض الذي يشوه صورة المصريين أمام العالم أم ستظل الدولة متقمصة دور المتفرج؟.