جدل واسع أثاره الفيلم الإيراني "النبي محمد" حتى قبل عرضه
بسنوات، فمنذ تم الإعلان عن التجهيز للفيلم في بداية عام 2012 رفضت السعودية الأمر
وأصدرت بيانًا قالت فيه إن الإيرانيين يمزجون كثيرا بين الديانة الإسلامية
وتقاليد الفرس التي لا علاقة لها بالدين.
فيما
دعا شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إلى منع تصوير الفيلم وهو في مرحلة الإنتاج
وذلك في نوفمبر من العام الماضي وذلك في تصريحات أذاعها موقع ”أخبار مصر” التابع
للتليفزيون الرسمي، مؤكدا أن جميع علماء الأزهر وأهل السنة يرفضون خروج هذا العمل
.
ووصف شيخ الأزهر تصرفات إيران بأنها ليست مسؤولة، ولا تختلف عن تصرفات الغرب
المسيئة للرسول الكريم .
وتجاهلت إيران كل التحذيرات الصادرة من دول العالم الإسلامي التي
ترفض تجسيد النبي محمد في أي عمل فني وأنتجت الفيلم الذي تكلف 40 مليون دولار
ليصبح الأضخم في الإنتاج في تاريخ السينما الإيرانية و طرحته للعرض في 27 أغسطس من
العام الحالي في 143 دار عرض إيرانية
الفيلم
مدته 171 دقيقة ويتناول نشأة الرسول من طفولته وحتى سن الثالثة عشرة، على أن
تستَكمل السيرة في جزءين لاحقين للفيلم، وحرص مخرج الفيلم مجيد مجيدي على الدفاع
عن فيلمه بتأكيده على عدم تصوير وجه شخصية النبي محمد للتخفيف من غضبة الشعوب
الإسلامية، وقام بتصوير العمل كاملاً إما من زاوية لا تبرز رؤية الشخصية، أو زوايا
جانبية وخلفية، موضحا أنه فضل ذلك، للتخفيف من حدة استياء بعض المسلمين الذين
يرفضون تصوير الأنبياء والشخصيات الدينية.
وقال مجيد مجيدي فى تصريحات لبعض الصحف العالمية وبعض الوكالات إن الهدف الذي يسعى إليه هو تقديم صورة إيجابية للإسلام تكون مخالفة للصورة التي يروجها الغرب والتي غالباً ما تسوق أن الإسلام هو دين العنف والإرهاب وليس دين التسامح والسلام والمحبة. كما رد المخرج الإيراني على انتقادات السعودية، والأزهر بالقول إن فيلمه لا يتحدث عن الرسول شخصيا بل كيف كان ينظر إلى الحياة والدنيا وكل الأمور المحيطة به وهو مازال صبياً.
لا يجوز شرعًا
عن
هذا الشأن تحدث دكتور أحمد عمر هاشم
رئيس جامعة الأزهر الأسبق وقال لـ"العربية نيوز" أنه لا يجوز شرعا تجسيد صورة الأنبياء ولا الصحابة
المبشرين بالجنة ولا الصحابة الذين هم من آل البيت.
وأضاف
هاشم على أن هذا العمل حرام حرام حرام لأنه ينزل بمنزلة الأنبياء من كمالها
الأخلاقي في القلوب والنفوس إلى ما هو أدنى بالضرورة لأن في التمثيل وإظهار الصورة
تقليلا من المكانة الباسقة والمنزلة العالية للرسول الأكرم
وأشار
هاشم إلى أن التحريم ليس باجتهاد منه إنما هو قرار مجمع البحوث الإسلامية منذ
عشرات السنين
ليس مروفض من حيث المبدأ
فيما
قال عبدالغفار هلال الأستاذ
بجامعة الأزهر لـ" العربية نيوز" أن الأزهر من حيث المبدأ لا يرفض عرض سيرة النبي محمد من خلال أعمال فنية ,
بل يري الأزهر أننا في أمس الحاجة لعرض سيرة النبي محمد في شكل جديد لتغيير الصورة
الذهنية السلبية لدي الغرب والذي ربط بين النبي محمد والإرهابي
وأشار
هلال إلى أن للأزهر محاذير في عرض سيره النبي منها عرض صورة الرسول في شخص أحد
الممثلين لأنه لا يوجد من الممثلين من يستطيع أن يتقمص شخصية النبي محمد أو أي نبي
ويعطي صورة ذهنية صحيحة للمشاهدين حيث إنه يظهر في هذا العمل الفني متقمص شخصية
نبي ثم قد يظهر في عمل فني آخر متقمص شخصية قواد .
وأوضح
هلال أن الأزهر يتحفظ علي المعالجة الدرامية للأعمال الفنية من قبل الشيعة في عرض
سيرة النبي والصحابة حيث إن الشيعة لا يتورعون عن سب الصحابة ويرون أن سيدنا علي
نائب عن سيدنا محمد ويقللون من شأن سيدنا أبو بكر وعمر ابن الخطاب , مما يجعلنا
نخشى أن تظهر مثل هذه المعتقدات التي يؤمن بها الشيعة وتخالف القران والسنة في هذا
الفيلم
وأكد
هلال أن فتوى الأزهر لم تتغير من رفض ظهور الصحابة المبشرين بالجنة والأنبياء في
الأعمال الفنية ,وتم عرض أعمال فنية مثل الرسالة وعمر ابن الخطاب ويوسف على القنوات المصرية بدون اعتبار لرأي الأزهر
ضحية جمود الأزهر
فيما
قال الناقد الفني طارق الشناوي أن هذا الفيلم ضحية جمود الأزهر حيث أن المانع الشرعي في عرض الفيلم
هي فتوى خرجت من الأزهر عام 1926 أي منذ 90 عام
وأشار
الشناوي إلا أنه إذا كان هناك تجسيد لكننا رأينا صورة واحدة على الإنترنت تمثل
النبي محمد , ومن هنا فإنه لا يوجد المانع الشرعي الذي وضعة الأزهر بمنع تجسيد
النبي.
وأوضح
الشناوي أننا في أمس الحاجة لمثل تلك الأعمال الفنية لتصحيح المفهوم الخاطئ عن
النبي محمد عند العديد من شعوب العالم التي ارتبط في ذهنها صورة النبي بالخنجر
ممسكا به أحد الأشخاص الملثمين ثم يقول أشهد أن لا الله إلا الله وأن محمدًا رسول
الله ثم يقوم بذبح أحد الضحايا في مشهد بشع بكل المقاييس
وأضاف
الشناوي أن إيران لا يمكن أن تقدم علي عمل فني يسيء للنبي محمد لأنها دولة مسلمة
دستورها ديني إسلامي كما أن إيران تتمتع بسينما محافظة لا يوجد بها مشاهد خاصة بالبالغين
كالتي تحدث في السينما المصرية
ودعى الشناوي جميع شعوب العالم لمشاهدة الفيلم وليس المسلمين فقط , لأن الفن لغة عالمية
, ولأن مثل هذه الأعمال قد تصحح الفكر الخاطئ عند النخب الغربية لأن الرسام الذي
أساء إلي النبي محمد في شارل إبدو قد لا يكون كاره للنبي ولكن أرتبط في ذهنه أن
النبي محمد مرتبط بالقتل وهذا ما قد يصححه الفيلم .وبالتالي قد تتناول النخب
الغربية الفكرة عن النبي محمد بشكل مختلف.
وطالب
الشناوي من شيخ الأزهر دكتور أحمد الطيب أن يقود ثوره في الأزهر ضد الجمود الفكري
كالتي قادها محمد عبده من أكثر من 110 عام حيث قال "إن النحت كان حلال في عهد
الأمام محمد عبده فيما أصبح النحت حرام في كلية الفنون الجميلة حاليا في عهد الطيب"