جريمة ميانمار
مؤخرا أعلن الإمام الأكبر شيخ الأزهر فى مؤتمر صحفى عالمى عزم مؤسسة الأزهر الشريف قيادة تحرك إسلامى ودولى لردع مسؤولى ميانمار ووقف المذابح والإبادة الجماعية ضد مسلمى الروهينجا ووصف ما يحدث هناك بأنه هجمات وحشية بربرية داعيا مسلمى الروهينجا للصمود.
وفى مقابل الموقف الحاسم للأزهر الشريف، اتسمت مواقف الدول الكبرى بالتخاذل الشديد والتواطؤ مع النظام فى ميانمار، فأعلن متحدث باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لن تتدخل لوقف الإجراءات التى تتخذها السلطات فى ميانمار كما أنها لن توجه أى لوم لها، وسار على منواله موقف الدول الأوربية الكبرى التى أطلقت الكليشيهات المعروفة مثل ضرورة ضبط النفس وتغليب الشراكة من أجل التعايش، فيما شككت روسيا فى البيانات الواردة حول عدد القتلى والمشردين من الروهينجا فى إقليم أراكان.
ما يحدث فى إقليم أراكان بحق مسلمى الروهينجا بالفعل يندرج تحت اسم الإبادة الجماعية والمذابح الوحشية والتطهير العرقى، لكنها ليست أول جريمة جماعية بحق المسلمين هناك كما لم يكن صمت القوى الكبرى وتواطؤها مع النظام هناك طمعا فى الثروات النفطية والغازية وكذا الثروات الطبيعية من الأخشاب النادرة والأحجار الكريمة التى تشتهر بها ميانمار.
الإرث الاستعمارى البريطانى المسموم هو العامل الأول وراء محنة مسلمى الروهينحا واستمرارها من القرن الثامن عشر حتى الآن؟، فقد احتلت بريطانيا ميانمار عام 1824 وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية وظلت هناك قرابة مائة عام واجهت فيها مقاومة شرسة من مسلمى الروهينجا المسلمين، ولذا عندما أرادت الخروج ومنح ميانمار استقلالا عام 1948 لم تمنح إقليم أراكان حق تقرير مصيرها وإنما تركته فى قبضة البوذيين الذين كانوا يحتلونه قبل أن تضمه بريطانيا وأوعزت إلى الاحتلال البوذى ليرتكب أول مذبحة كبرى ضد مسلمى الروهينجا عام 1942 سقط فيها أكثر من مائة ألف مسلم، واستمرت الأوضاع على ما هى عليه لتمثل مآساة الروهينجا واحدة من المآسى العالمية الكبرى الناتجة عن الاستعمار القديم، مع مآساة الفلسطينيين والكشميريين الموزعين بين الهند وباكستان، ووصل عدد المسلمين المهجرين من الروهينجا أكثر من أربعة ملايين ومئات الآلاف من القتلى الحائرين بين بنجلاديش وبورما وتايلاند والهند بعد أن سحبت بسلطات بورما منهم الجنسية ورفضت دول الجوار توطينهم أو منحهم جنسيتها.