عاجل
الخميس 28 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

مصر مش طابونة


بعد زيارة الرئيس السيسي الاخيرة إلى سوهاج وتصريحه بضرورة استعادة أراضي الدولة المستولى عليها و قطاعات الدولة المختلفة تعمل على اجلاء المغتصبين عن الأراضي المنهوبة ، ما يشبه سباق البيانات الصحفية بالمحافظات للإعلان عن تنفيذ قرارات إزالة أو استعادة اراضى للدولة ، وزارة الزراعة وجهت اتهاما لما يزيد عن 800 شركة و الداخلية تجاوزت تنفيذ 1400 قرار إزالة للتعديات
الجميع فى لحظة بعينها اعتبر أن القرار جاء فى وقته و أن التعديات كانت قد وصلت إلى مرحلة الخطورة بحيث يخشي على أموال الشعب و مستقبل التنمية المستدامة و كما تعلمون فمصر ليست تورتة الأكابر أو غلة اللصوص حاشي لله ، تلك الخطورة التى رأها برلمانيون تستوجب استخدام حالة الطوارئ في تطبيق القانون .
لا يوجد انسان ينزل على الحق يجد فى نفسه ذرة تعاطف واحدة مع حالة سرقة أو اعتداء على أموال الشعب أو الاقتطاع من أمواله دون وجه حق ، فحقا أصاب الرئيس و أن كان القرار قد تأخر لسنوات ربما قبل ان يصل الرئيس نفسه إلى سدة الحكم ، حتى وصل إلى مرحلة الخطورة ، إذا نحن أمام رئيس يوجهه رجاله و زملاءه فى السلطة التنفيذية من مختلف المحافظات و في أروقة وزارته بالبحث عن أموال الشعب و حمايتها من التبديد و قبل أن يخفت هذا الصدى العام الذى نقر أنه فى موضعه نحن إذ ننتظر النتائج التى سيخلص اليها أمر استعادة أراضي الدولة
و لعل ما يريحك الآن، ان غض طرف الدولة عن الاستيلاء سابقا و العشوائية التى صاحبت هذه الخروقات كانت عبارة عن معادلة من طرفين ، بين الحكم و الفاسدين لردح من الوقت ، البعض يصمت عن الفساد و استبداد الحكم في مقابل غض الطرف عن كل هذه الاستيلاء على الأراضي و أموال البنوك و العشوائية فى أقبية المحافظات و احيائها و العبث بمقدراتها ، معادلة سهلة لكنها نشرت الفساد و السرقة على مستويات متعددة و كثيرة تقاطع فيها مصالح ليست قليلة ، ربما الآن تغيرت المعادلة أو ربما تغير الوقت فلن تعد يجدى التفاعل تحت هذه الشروط و هذا ما ستكشفه النتائج .
الفساد فى قطاع أو التغاضي عن فساد فى قطاع آخر لا يعفى على الإطلاق من الافساد فى قطاع ثالث، فالحكومة قبل الأجهزة الرقابية مسئولة عن تضييق الخناق على الفساد و اجتثاثه و إزاحة أنصاره من مواقعهم، لهذا لا أدرك أن حجم الخسائر فى قطاع السكك الحديدية يقدر سنويا ب 3 مليارات جنيه مع ذلك يتمتع كبار و صغار الموظفين فى الدولة بالأرباح سنويا من وراء هذا القطاع ، و ربما الرقم المعلن وفقا لأجهزة الدولة يؤكد أن كل ما سيتم جنيه من إعادة أراضي الدولة في مختلف محافظات مصر لن تصمد أمام خسائر السكك الحديدية و لا أعرف متى ينتفض المسئولون لإعادة بناء هذا القطاع على أسس سليمة مثلما يفعلون الآن فى استعادة أراضي الدولة ، و هل ينتظرون قرارا رئاسيا حتى ينتبهون إلى هذه الكارثة التى تمتص ثروة شعبنا التى لا ينعم حتى بمستوى لائق فى قطاع النقل و المواصلات .
بالتأكيد الأمثلة كثيرة اذا أرادنا أن نعدد و نضرب الأمثلة و ربما و هى ليست من قبيل الأسرار، سيكون صعبا إزاء كل المشاكل و مخالفات القوانين أن يتدخل الرئيس شخصيا و أن يوجه مع كل حالة ، فأين الأزمة اذا و كيف يمكن تقليل الفجوة .
النظام الإدارى المصرى هو لب المشكلة ، العقلية التى كانت تدير فلا قانون الخدمة المدنية وحده قادرة على حل المشكلات و لا النيابة الإدارية و لا هيئة الرقابة الإدارية و إنما الأزمة الحقيقية تكمن فى العقلية الإدارية و السلوكيات الإدارية المتبعة، التى يكثر فيها استخدام البشر و تقل فيه الميكنة بصورة غير مقبولة في هذه الأيام، الأزمة المصاحبة هى أزمة فكر و غياب دراسات علمية توضع فى إدراج المسئولين الإداريين و الوزراء الذين ليس لديهم قدرة للتحرك او رغبة ، الا بتوجيه من الرئيس شخصيا و الإشكالية فى قدر المركزية اللافت الذى يجب تفتيته تدريجيا و خلق كوادر محلية و إقليمية لديه قدرة اتخاذ القرارات المدروسة و الحفاظ على المال العام الذين يؤمنون انه لاولادهم ، عليها عبء الرقابة المدروسة أيضا.
الأزمة لدينا أكبر من استعادة آلاف الأفدنة التى سيجرى استعادة الاستيلاء عليها أو على غيرها ، إذا كانت مواردنا الطبيعية محدودة و نحن نقر بذلك فماذا ننتظر حتى نستخدمها ما استطاعنا الاستخدام الأمثل مع البدء فى تنمية مواردنا البشرية بالشكل اللائق وفقا لدولة قانونية يعترف بها الحكم و المواطنون و يقل فيها الفساد و يتعاظم فيها الخير العام لأن مصر ليست طابونة .