رحم الله نور الشريف
أصيب الشعب المصري بل والشعب العربي اجمع حالة من الحزن الشديد بعد سماع خبر وفاة الفنان الكبير نور الشريف ، رحل عن عالمنا نور الشريف ولكن ستظل في أذهاننا أعماله الفنية التي تعلمنا منها حب الوطن وشهامة ولاد البلد ، فنور الشريف لم يكن فنانا عاديا ولكنه صاحب فكر وواعي ثقافي وإنساني وكان مهموما بقضايا وطنه .
لن أنسى اللقاء الأول الذي جمع بيني وبين الفنان الكبير نور الشريف حينما كان يصور الجزء الثالث من مسلسل سعد الدالي وكان ذلك عام 2010 وبما أن تربطني علاقة صداقة قوية بمخرج العمل يوسف شرف الدين ، وكنت في هذا التوقيت اعكف علي كتابة عمل تلفزيوني عن المناضل الليبي عمر المختار، وأثناء مكالمة تليفونيه بيني وبين المخرج يوسف شرف الدين دار الحوار حول شخصية عمر المختار التي أثرت في التاريخ والوجدان العربي، وأبدى وقتها صديقي المخرج إعجابه بشخصية عمر المختار، وطلب مني أن التقي مع الفنان الكبير نور الشريف وأنه سيعرض عليه فكرة المشروع فرحبت جدا بذلك الأمر، وبالفعل قام صديقي المخرج بعرض فكرة المشروع علي نور الشريف، فطلب لقاءي في اليوم الثاني فذهبت له في مقر التصوير وكان ذلك أمام بوابة 4 لمدينة الإنتاج الإعلامي في الصحراء ودرجة الحرارة وقتها لا تقل عن 40 درجة مئوية وكان ذلك في شهر يوليو .
وكان اللقاء وقت الظهيرة قابلت صديقي المخرج يوسف شرف الدين وأخبرني أن الأستاذ نور ينتظرني في الكرفان الخاص به، دخلت والتقيت نور الشريف رحب بي، وجلست وسألني بكل تواضع إيه الموضوع، يا أستاذ طارق فبدأت أشرح له مضمون الشخصية وكيف سيتم تناول حياة هذا المجاهد العربي في عمل دامي، ولكنه في بداية الأمر أراد أن يذكرنى بالفيلم العالمي الذي تم إنتاجه في أؤخر السبعينات وحقق نجاحا عالميا وقتها، فأخبرته أن الفيلم قد تحدث عن جزء صغير في حياة هذا الشيخ المجاهد، وطلب مني أن أحكي له كيف تناولت هذه الشخصية فبدأت بالفعل أحكي له، وهو يستمع لي جيدا ويناقشني في اللقطات التاريخية التي أتحدث عنها في ذلك الزمن فأيقنت تماما أنني أمام شخص قاريء جيد للتاريخ، واستكملت حديثي نتناقش حول الشخصية وإبعادها السياسية والتاريخية وتأثيرها علي المنطقة، ومر الوقت لأكثر من ساعة وأبدى إعجابه بي وكنت أحمل معي معالجة درامية للعمل، وخمس حلقات من سيناريو العمل وقالي لي أعطيني متسع من الوقت لقراءة العمل، وذهبت وكنت فرحا بعد اللقاء والمناقشة مع فنان بقيمة نور الشريف ومرت عدة أيام، وفوجئت بصديقي المخرج يوسف شرف الدين يخبرني أن الأستاذ نور الشريف أبدى إعجابه بالورق بعد قراءته، وهناك منتج سيعرض عليه الأمر ولكننا لم نوفق في هذا المشروع بسبب ضخامة الإنتاج والظروف التي مرت بها البلاد بعد ثورة يناير، وسارت عدة مكالمات تليفونية فكان راقيًا في كلامه وذوق في رده ، كما كان في أعماله كبير العائلة في "سواق الأتوبيس" وصاحب القضية العربية في " ناجي العلي "ومهموم بحب الوطن في "متخافوش"، والرجل الشهم في "لن أعيش في جلباب أبي" وصاحب المباديء في "الرحايا والمثقف ابن رشد" و"هارون ألرشيدي" و"عمر بن عبد العزيز" وغيرهم من الأعمال التي ستظل خالدة في ذاكرة وأذهان جمهوره رحم الله نور الشريف والهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان .