الأزمة والحل
أزمة السياحة ضربت الاقتصاد في مقتل بالتزامن مع الأزمات الأخرى الطاحنة التي تعاني منها مصر منذ فترة، إن المسئولية عن العديد من تلك المشاكل تقع على عاتق الحكومة فيما يعود قليل منها إلى المستثمرين والأفراد وعوامل خارجة عن التحكم.
عقب سقوط الطائرة الروسية بسيناء أواخر شهر أكتوبر الماضى توالت التداعيات المؤثرة على قطاع السياحة مثل عدم وجود إشغالات تُذكر فى عدد كبير من فنادق المدينة وإغلاق عدد من المستثمرين فنادقهم وتسريح العاملين بها لحين إشعار آخر بحجة التجديد والصيانة وإنهاء عقود بعض العاملين ومنح بعضهم إجازات بدون مرتب وتخفيض الأجور، وعلى صعيد منظمي الرحلات الدولية وشركات الطيران إلى شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم، تم إلغاء العديد من الرحلات المخطط لها وتخفيض عدد الرحلات المنتظمة.
نحن بصدد وضع كارثي يستدعي حلولاً خارج الصندوق وخصوصًا أن الأزمة الحالية لو استمرت فترة أطول ستكون أثارها كارثية ليس فقط على قطاع السياحة، ولكن سيمتد التأثير على عدة قطاعات لها ارتباط بقطاع السياحة ومنها القطاع المصرفي.
للأسف كل من نشاهده الآن هو عبارة عن حلول مؤقتة أشبه بالمسكنات تعالج النتائج دون التطرق بأسلوب متعمق إلى الأسباب التي أدت إلى تلك النتائج الكارثية ولا تقدم خارطة طريق لحلول ناجزة متوسطة وطويلة الأجل. كان من المتوقع أن يكون لدينا جهة مؤهلة للتعامل مع الأزمات من واقع محاكاة سيناريوهات للأزمات وألا يتم التعامل مع كل أزمة على حدة. ولكن غياب التخطيط السليم والرؤية هو المسيطر على الأداء الحكومي باعتباره ميراث السنين من الترهل والتراخي وغياب الرؤية المستقبلية.
ومن ظواهر قصر نظر التعامل مع الأزمة الحالية هو المبالغة العاطفية في تشجيع السياحة الداخلية، بينما أقر أن من حق المواطن المصري التمتع بقضاء إجازه في المدن السياحية داخل مصر بأسعار معقولة، إلا أن أزمة السياحة لن يتم حلها باستبدال السائح المصري بالسائح من الأسواق الخارجية لعدة أسباب منها ثقافية واجتماعية معروفة!.
قد يكون طرح التوصيات الآتية بمثابة نقطة الانطلاق نحو دراستها من المتخصصين وبلورتها في صيغة مبادرات وخطط عمل للتطبيق وفقًا لجدول زمني محدد مُلزم لجميع الأطراف المعنية، والأهم هو متابعة الالتزامات في تنفيذ المهام والمسؤوليات من جهة مستقلة لها سلطة الرقابة والتوجيه والمحاسبة.
أولاً: إعادة دراسة تأمين المطارات وطرح مناقصة عالمية بين الشركات المتخصصة؛ من أجل استعادة ثقة حكومات الدول المُصدرة للسياحة واستعادة الشعور بالأمان من الجهات المنظمة والشركات.
ثانيًا: التخفيف من التسهيلات والدعم الموجهة إلى السياحة الرخيصة، فالهدف متوسط وطويل الأجل ينبغي أن يكون جذب السائح الذي يكون مصدرًا للإنفاق المتعدد على أكثر من جانب سياحي وترفيهي.
ثالثًا: منح تسهيلات لشركات الطيران ومنظمي السياحة مثل إلغاء رسوم الفيزا للسائحين من الدول التي تعتبر أسواقًا نشطة أو واعدة.
رابعًا: التعاقد مع مكاتب عالمية في مجال التسويق بمفهومه الشامل وليس فقط الاقتصار على أنشطة الدعاية والإعلان.
خامسًا: فتح أسواق سياحية جديدة باستغلال تأييد الدول الخليجية لدعم موقف مصر في الأزمة الأخيرة ومنح تسهيلات للسياحة الخليجية وبرامج سياحية تصمم خصيصًا لتلبى متطلبات السياح من هذه الأسواق.
سادسًا: تأهيل المدن السياحية لتكون جاذبة لتنظيم المؤتمرات والاجتماعات والمعارض وغيرها من الفعاليات والأنشطة الدولية والإقليمية والمحلية في المدن السياحية، ولا يقتصر ذلك على شرم الشيخ فقط بل يجب أن تؤهل المدن الأخرى لاستقبال هذه الفعاليات بكفاءة عالية.