الهروب من الواقع بتجميل المستقبل.. الحكومة تناقض نفسها بالإعلان عن "استراتيجية التنمية المستدامة 2030".. وخبراء: تنفيذها مستحيل.. والدولة لا تدرك الوضع الاقتصادي الراهن
"غيث": لا يمكن تطبيق التنمية المستدامة فى ظل الظروف
الاقتصادية الحالية
"أسعد": سياسة
الحكومة الراهنة تتعارض مع أهداف التنمية المستدامة
"عليان": الدولة
لا تدرك حكم الصعوبات التى تعيق استراتيجية التنمية المستدامة
أطلق
الرئيس عبدالفتاح السيسى استراتيجية التنمية المستدامة 2030 نهاية الأسبوع الماضى،
ويهدف هذا المشروع الذي أعدته وزارة التخطيط والإصلاح الإداري، لصياغة رؤية متكاملة
للتنمية المستدامة، تكون بمثابة خارطة طريق نحو المستقبل.
ويسعى
المشروع إلى الاستفادة من كل الموارد المتاحة حتى تصبح مصر من أفضل 30 دولة
بالعالم، لكن الجديد فى الأمر أن استراتيجية التنمية المستدامة، لم تكن الأولى من
نوعها فى مصر فقد تم إطلاق العديد من الاستراتيجيات والأهداف لكن فى أنظمة مختلفة.
يهدف
مشروع رؤية مصر 2030 إلى أنه بحلول عام 2030 ستكون مصر الجديدة القائمة على
العدالة والتنمية المستدامة، ويستهدف استقرار أوضاع الاقتصاد الكلي، وخفض معدل
البطالة، والخدمات الإلكترونية وغياب الرشاوى، كما يستهدف إنشاء مجلس وطني
للتعليم، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، ورفع مستوى الخدمات الصحية، والعدالة
الاجتماعية، بجانب الاهتمام بالفئات الأكثر فقرًا، ورسم خريطة قومية لتقسيم
الأقاليم والأمن القومي والسياسة الخارجية والداخلية.
مبارك" كان لديه
استراتيجية للتنمية المستدامة "
الرئيس الأسبق حسني مبارك كان قد أطلق أيضًا استراتيجية التنمية
المستدامة فى أوقات متفرقة خلال فترة حكمة التى استمرت أكثر من ثلاثين عاما، فكان
يستهدف رفع معدل النمو الاقتصادى وتوزيع ثروات وموارد الدولة بطريقة عادلة بين فئات
المجتمع، وتخفيف العبء على الفقراء ومحدودى الدخل وتقليل حجم الدين الخارجى، لكن
لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع وظلت مجرد دعاية انتخابية في بعض الأوقات، أو جذب
الرأى العام إلى تأييد نظامه فقط.
وتشابهت
استراتيجية مبارك باستراتيجية السيسى، فى إحراز التقدم في مجال التنمية المستدامة،
من خلال تزايد معدل النمو الاقتصادى، والتوزيع العادل للثروات بين جميع المواطنين،
وزيادة حجم الاستثمار مع تخفيف الضغوط على البيئة والمـوارد الطبيعيـة بجانب تخفيف
عبء الديون القومية، فتأكيد الرئيس السيسى أن مصر ستكون ضمن أفضل 30 دولة فى
العالم بحلول عام 2030، يثير العديد من الأسئلة حول إمكانية تحقيق هذه الأهداف وسط
الواقع الحالى الذى نعيشه من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما يمكن
أن تكون استراتيجيات التنمية المستدامة هروبا من الحاضر بالاحتفال بما سيحدث 2030، ومحاولة شغل الرأى العام عن مشاكل الحاضر والوضع الحالى الذى تعيشه الدولة.
"العربية نيوز"
استطلع رأى خبراء الاقتصاد حول إمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة فى ظل
الظروف الراهنة، وهل الحكومة تهرب من الوضع الاقتصادي الحالى، من خلال الإعلان عن
تجميل المستقبل في 2030.
الحكومة تتجاهل العدل
الاجتماعى مع أنه أساس التنمية المستدامة
في البداية، أكد الدكتور أسامة غيث، الخبير الاقتصادى ومتخصص
الشئون الاقتصادية بمؤسسة الأهرام، أن استراتيجية التنمية المستدامة التى تتبعها
الدولة وتعمل على تنفيذها تتبنى التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية فى نفس
الوقت؛ بحيث يستفيد من عوائد هذه التنمية كل أفراد المجتمع وتوزع بشكل عادل على
المواطنين.
ولفت إلى
أن التنمية المستدامة تركز على نمو الاقتصاد مع توفير خدمات أساسية للمواطنين
كالتعليم والصحة والثقافة، أى أنها تحمل الوجه الاقتصادى والاجتماعى والإنسانى معا
لخدمة المجتمع.
وأوضح
الخبير الاقتصادى، أن الحديث عن استراتيجية التنمية المستدامة فى ظل الظروف
الحالية ليس له أى قيمة، فتصرفات الدولة لا تدل على تطبيق العدالة الاجتماعية أو
تخفيف الأعباء عن المواطنين، فالبرنامج الجديد للحكومة لا يدل على توزيع الأعباء
العامة على المواطنين، وفقا للحالة الاقتصادية وقدرتهم المالية، فنحن ننتظر الكثير
من الإجراءات نحو تطبيق العدالة الاجتماعية واتخاذ إجراءات كثيرة تجاه من لديه
قدرة اقتصادية عالية حتى تستطيع الدولة الوفاء بوعودها نحو محدودى الدخل، ومن هم
حول خط الفقر.
سياسة الدولة لا تراعى
الفقراء
وقال جمال أسعد، كاتب ومفكر سياسي، إن استراتيجية التنمية
المستدامة التى تريد الحكومة تنفيذها ليس لها دلائل على أرض الواقع، فالدولة تقود
الطريق فى الفترة المقبلة نحو زيادة متلاحقة فى أسعار الخدمات والسلع والمنتجات،
وهذا يأثر على غالبية المصريين خاصة من هم حول خط الفقر.
وأشار
أسعد إلى، أن الدولة تنفذ قوانين وتتبنى أهداف من شأنها تطبيق التنمية المستدامة
حتى نصل إلى الأهداف المعلن عنها فى 2030، لكن السياسة الحقيقية للحكومة لا تراعى
الفقراء ومحدودى الدخل، فلا يمكن الحديث عن استراتيجية التنمية المستدامة فى ظل
السياسة العامة التى تتبعها الحكومة الحالية.
وأضاف أن
الدولة تريد أن تهرب من الواقع الاقتصادى والسياسى الراهن، وتحتفل باستراتيجية
التنمية المستدامة التى تهدف إلى وضع خارطة الطريق في المحاور الاقتصادية
والاجتماعية والبيئية وسط غياب الرؤية عن حل مشاكل الواقع، ووجود تخبط وارتباك فى
الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
أهداف التنمية المستدامة لا تتطابق مع
سياسة الحكومة
أكد الدكتور عبدالرحمن عليان الخبير الاقتصادى، أن التنمية
المستدامة تعنى أن عوائد التنمية فى مختلف المجالات يتم توزيعها على جميع أفراد
المجتمع بعدالة وإنصاف، وبالتالى عوائد التنمية لا تستفيد منها فئة معينة.
وأضاف
الخبير الاقتصادى، أن استراتيجية التنمية المستدامة توجه محمود من الدولة وأهدافه
قوية وستساعد فى تقدم المجتمع إذا نفذت كما تم الإعلان عنها، لكن ماهى الخطة التى
ستستخدمها الدولة فى تحقيق المعدلات والأهداف المعلن عنها، حيث يبدو أن الدولة لا
تدرج حكم الصعوبات الموجودة الآن التى يمكن أن تعيق استراتيجية التنمية
المستدامة، مشيرا إلى أن التنمية المستدامة ليست حديث الساعة فنظام مبارك كان
يستخدم شعار التنمية المستدامة؛ لتثبيت حكمه دون أى واقع ملموس وظلت التنمية مجرد
تصريحات للحكومة فقط.
وأضاف
"عليان" أن توجه الحكومة نحو التنمية المستدامة لا يدل على السياسة
المتبعة فى الوقت الراهن، فارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه المصرى، وإعداد
الحكومة مشروع لإلغاء الدعم بطريقة تدريجية يدل على أن الدولة تحمل الفقراء أعباء
العجز فى الموازنة العامة، يناقض كل التصريحات الخاصة بالتنمية المستدامة.