في ظل تجاهل المسئولين لمشاكل العمّال.. انتفاضة "الإضرابات العمّالية" تهدّد "عرش الحكومة" في الغربية
خروج "غزل المحلة" من المنافسة العالمية
"وبريات سمنود" تسير على نفس الخطى
و"كتان طنطا" تماطل في تنفيذ الأحكام القضائية
شهدت محافظة الغربية العديد من الإضرابات والاعتصامات العمالية، أبرزها ما شهدته شركة "مصر للغزل والنسيج" بالمحلة الكبرى، التى نجحت الأجهزة التنفيذية والأمنية فى احتوائها لفترات، سريعًا ما اشتعلت الأزمة مُجددًا بسبب مطالب العمال بمستحقاتهم المالية المتأخرة، إضافة إلى شركة "طنطا للكتان" التى ما زالت الأزمة بها معلقة منذ سنوات وعدم حسم قضية عودة العمال الذين خرجوا للمعاش دون رغبتهم فى ظل وجود المستثمر السعودى الذى لم تحسم الحكومة موقفها منه حتى الآن رغم صدور أحكام قضائية نهائية فى هذا الشأن، علاوة على مشكلة عمال مصنع "وبريات سمنود" التى يعود شبح الإضرابات بها بين لحظة وأخرى، كما تصدّر عمال الشركة "المالية والصناعية" بكفر الزيات مشهد الصراع العمالى فى بداية العام الجارى.
• عمال المحلة
انتهجت الحكومات المُتعاقبة سياسة الحلول المؤقتة بالنسبة لعمال شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، دون الاقتراب من أسباب المشكلة الحقيقية، ووضع حلول شافية لأوجاع العمال المتمثلة فى مستحقاتهم المالية، حيث إن ماكينات المصانع لم يطرأ عليها أى تطوير أو تحديث خلال العشرين عامًا الماضية، فضلًا عن عدم توفير المواد الخام اللازمة للصناعة المتمثلة فى الغزول، الأمر الذى أدى إلى تشغيل الشركة بـ 25% من طاقتها الحقيقية، الأمر الذى أدى بدوره إلى خروج الشركة من المنافسة العالمية فى منتجاتها التى تربعت من خلالها على عرش صناعة الغزل والنسيج لأكثر من 30 عامًا على مستوى الشرق الأوسط، لتخرج منتجات غزل المحلة من سوق الجودة.
وكانت تلك المشكلة سببًا رئيسيًا فى عدم تدبير مستحقات العمال الذين نظموا العديد من الإضرابات والاعتصامات كان آخرها إضرابًا مفتوحًا عن العمل فى أكتوبر الماضى والذى استمر لأكثر من 8 أيام، احتجاجًا على عدم صرف مستحقاتهم المالية حيث أقر مجلس إدارة الشركة وقتها أنه لا حق للعمال فى علاوة الـ10% التى صدرت بقرار من الرئيس بداية أكتوبر 2015، وهو ما أثار غضب العمال ضد الشركة القابضة وإدارة الشركة معًا.
وأكد العمال أنهم مصرون على الحصول على حقهم فى العلاوة الـ10% التى أقرها رئيس الجمهورية لمن لا ينطبق عليهم قانون الخدمة المدنية 18لسنة 2015، لافتين إلى التشابه الكبير بين إضراب 2006 والذى كان من أهم مطالب العمال فيه تطبيق قرار رئيس مجلس الوزراء بصرف الأرباح بواقع شهرين من أساسى الأجر بدلًا من 100 جنيه كانت تصرف وقتها كمبلغ مقطوع وقيل أيضًا حينذاك أن القرار لا ينطبق على العمال وثبت غير ذلك.
وقضية اضطهاد الإدارة للقيادات العمالية إحدى الوسائل التى تشعل غضب العمال الذين يرتفع سقف مطالبهم مقابل هذا التعنت، حيث سبق أن تم فصل القيادات العمالية الذين تصدّروا مشهد صراع العمال ومجلس الإدارة ومنهم "ناجى حيدر وكمال الفيومى وجمال جاد" وغيرهم.
• وبريات سمنود
بدأت المشكلة فى ظل توقف الإنتاج بالشركة لعدم توافر المواد الخام، وتوقف عملية صرف مستحقات العمال لبضعة شهور، حيث إن ملكية شركة "الوبريات" موزعة على أكثر من جهة وهي: هيئة الأوقاف والتأمينات الاجتماعية، وجزء يملكه عدد من المساهمين الذين سيطروا على إدارة الشركة ورفضوا ضخ استثمارات جديدة لتطوير المصنع، مما أدى إلى توقفها أكثر من عام ونصف، وكان موقف الحكومة من المشكلة فى ظاهرة الرحمة وفى باطنه العذاب، عندما أدخلت بنك الاستثمار شريكًا بالشركة مقابل 70 مليون جنيه بغرض زيادة رأس المال، إلا أنه بدلًا من تطوير المصنع، أجبر أكثر من 600 عامل على الخروج للمعاش المبكر ودفع مقابل نهاية خدمتهم من مبلغ الـ 70 مليون جنيه المفترض أنها مخصصة لعملية تطوير المصنع، حيث أدى عدم تطوير مصانع الشركة إلى حالة يرثى لها حيث انخفض عدد العمال بها إلى 400 عامل.
• كتان طنطا
تدور أزمة شركة كتان طنطا حتى الآن حول تنفيذ الحكم القضائى الصادر فى 28/9/2011 بعودة العمال، الذين أجبروا على الخروج للمعاش المبكر عام 2010 بعد بيع الشركة للمستثمر السعودى "عبد الإله الكحكي"، إلى عملهم، حيث تضمن الحكم أيضا إلغاء بيع الشركة وعودتها إلى الحكومة، التى طعنت على الحكم فى موقف مفاجئ للجميع، ووقوفها بجانب المستثمرين ضد العمال وعلى حساب ممتلكات الدولة.
وفى هذا السياق أكد جمال عثمان أحد القيادات العمالية بالشركة فى تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز" أن الحكم القضائى ألزم الحكومة والشركة القابضة للصناعات الكيماوية بتسلم أصول الشركة وتدبير مرتبات العاملين بها وذلك فى 2/11/2013، حيث عينت الحكومة المهندس إبراهيم الزيات، مفوضًا عامًا للشركة، لم يقدم جديدًا خلال 8 أشهر من توليه المسئولية، إضافة إلى عدم تنفيذ الشق الثانى من الحكم القضائى بعودة العمال.
مشيرًا إلى أن الحكومة قامت بتعيين المهندس أمجد أحمد علي، مفوضًا عامًا بدلًا من "الزيات"، الذى رفض أيضًا عودة العمال لعملهم، حيث التقى المتضررين بوزير الاستثمار لحل المشكلة الذى أكد لهم أن الحكم القضائى يحتاج لتفسير الشق الخاص بعودتهم للعمل وتوضيح العمال المستحقين للعودة، لافتًا إلى أن الشركة القابضة رفعت دعوى قضائية لتفسير الحكم.
وأضاف "عثمان" أن رد المحكمة تضمن: "ما كان يجب على جهة الإدارة تعطيل تنفيذ حكم قضائى لسبب مادي، وأن عدم تنفيذ الأحكام القضائية يفقد الأحكام حجتها، وبالنسبة لمن هم العاملين عندما قالت المحكمة فى حيثيات الحكم لفظ "العاملين" لم تحدّد وبالتالى يشمل كل العاملين وكل من كان على رأس العمل فى اليوم السابق لتوقيع العقد المقضى ببطلانه ويعود للعمل كل من خرج فى عهد المستثمر".
وأوضح القيادى العمالى أن المشكلة تكمن فى حيثيات الحكم الأصلى التى تضمنت حصول العمال على مستحقاتهم المالية ورواتبهم ممن أجبروا على قبول الخروج للمعاش المبكر، وبالتالى تصبح الشركة القابضة التابعة لها الشركة مدينة للعمال فى تلك الحالة.
وأكد "عثمان" أن وزارة الاستثمار أعلنت عن تنفيذ الحكم القضائى بالكامل فى 16/11/2015 تفاديًا لأزمة الدعوى القضائية التى رفعها العمال وطالبوا من خلالها بسجن وعزل الوزير ورئيس الحكومة لعدم تنفيذ الحكم، ورغم تقدم العمال بالأوراق المطلوبة للعودة للعمل إلا أن مجلس الإدارة لم ينفذ القرار الذى مضى عليه 3 أشهر.
وكشف "عثمان" عن واقعة خطيرة عندما أكد أن الشركة القابضة كانت تدفع مبلغ 11 مليون جنيه مرتبات العاملين أثناء توقفها عن العمل، وبلغت خسائر الشركة حاليًا 35 مليون جنيه رغم تشغيل مصنع واحد من إجمالى 10 مصانع تضمها الشركة التى تبلغ مساحتها 74 فدانًا، التى اشتراها المستثمر السعودى مقابل 83 مليون جنيه بالتقسيط على 3 سنوات بالإضافة إلى خامات تصنيع وقطع غيار بقيمة 30 مليون جنيه.
وفجّر "عثمان" مفاجأة من العيار الثقيل، حيث كشف أن الأزمة التى تعوق الحكومة فى تنفيذ الأحكام القضائية ومحاولة عرقلتها ترجع إلى أن الحكومة لم تقم بمحاسبة المستثمر السعودى على القيمة الاستردادية للشركة التى طالب المستثمر بشأنها حصوله على مليار جنيه، لافتًا إلى أن الحكومة ما زالت تتفاوض معه على هذا المبلغ الذى يؤكد شراءه أصول الشركة بأقل من سعرها الحقيقي، حيث هدّد المستثمر باللجوء إلى التحكيم الدولي، بعد خسارته جميع مراحل التقاضى بشأن الشركة.
نقلا عن النسخة الورقية