ثورة الاستقرار
الاستقرار أساس استمرار البشرية، والقول بضرورة تغيير الأوضاع بالقوة وبالعنف دوماً وباستمرار فى كل وقت هو قول هزل، بل هو غثاء كغثاء الأشجار لا يمنع ولا يدفع، ولا يصلح لشىء إلا أن يكون وقوداً للنار.. وهو وقود هزيل! وكذلك عدم الاستقرار هو شرود عن الطريق الفطرى الميسر.. فهو عسر.. وحرمان من الاطمئنان إلى الكنف الآمن.. فهو قلق.. وانطماس فى أجهزة الاستقبال والاستجابة الفطرية. وهذه كلها أمور يتابعها الحس فى بُهر! بل هو واقع حـى يعاطفنا ونعاطفه، وهو أمر يتجلى للحواس والقلب والعقل فى بهاء أخّاذ، وهو شئ لا يمكن إنكاره فى هذا الكون الزاخر الممتد الواضح.
إن الخبير بالنوايا والطوايا يدرك أن الظروف المؤدية إلى ثورة 25 يناير 2011 ليست موجودة بنفس الدرجة من القوة الآن، ومن توهم ذلك فستؤكد له الأيام أن ظنه اختفى كالفقاعة، وانكمش كالقنفذ، وانطفىء كشعلة الهشيم ! ويرى العقلاء أن الظروف غير مواتية الآن بأى صورة من الصور لانتفاض عموم المصريين وخروجهم للاحتشاد فى ميادين القاهرة والمحافظات، والوصول لدرجة العصيان المدنى. وأما ما يُروّج له بعض الغافلين لذكرى الثورة باعتبارها مناسبة للانقلاب الشعبى على النظام فى مصر الآن إلا نوع من التمنى العاجز، بل هو كالسراب فى الأرض المكشوفة المبسوطة، يلتمع فيها التماعاً كاذباً، فيتبعه صاحبه غافلاً عما ينتظره هناك !! بل كثير من العقلاء يرى أن من يُقبل على ترويج هذه الأفكار هو ممن يبتغى لنفسه المطامع والمنافع، ويشتهى الزينة والزخرف، ويطلب المال والمتاع لذاته، بل ينفذ توجهات أعداء الوطن.
المنطق يقول، إن المصريين لا يحتاجون الآن إلى ثورة شعبية، بل على العكس من ذلك، فهم يلتفون حول قياداتهم السياسية، ويشعرون بمدى الجهد المبذول داخلياً وخارجياً رغم الظروف الصعبة. وأفضل ما يميّز القيادة السياسية الآن تفاعلها مع أحداث الوطن والتعايش معها، ولا نرى تعالى وغرور وانفصال عن الواقع، فالناس فى حاجة إلى كنف رحيم، وإلى رعاية فائقة، وإلى بشاشة سمحة، وإلى ود يسعهم، وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم.. فى حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمه ويجدون عنده دائماً الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضا، فها هو حال الرئيس المصرى الحالى عبد الفتاح السيسى فلِما الدعوة للخراب إذن ؟ سؤال مهم لابد له من اجابة؟