رئيس وزراء لبنان الأسبق لـ "العربية نيوز": الأنظمة العربية المستبدة هي من تصنع الإرهاب.. إيران تستخدم "حزب الله" وسيلة للتوسع بالمنطقة
الشعب اللبناني اختار التعايش المشترك حتى في ظل الأزمات السياسية
يجب الحفاظ علي جامعة الدول العربية باعتبارها الإطار الجامع الوحيد للعرب
روسيا دخلت من الباب الخطأ في سوريا
"فؤاد السنيورة" أحد أهم رجال السياسة في لبنان. تولى حقيبة المالية في عدة وزارات منذ عام 1992 إلى عام 2004، تولى رسميا رئاسة الوزراء في لبنان من عام 2005 إلي عام 2009.
تحدث لـ"العربية نيوز" علي هامش مؤتمر الفكر العربي بجامعة الدول العربية عن الوضع الداخلي اللبناني وأزمة اختيار الرئيس اللبناني وعن دور جامعة الدول العربية في الفترة القادمة وعن العلاقات المصرية اللبنانية وكيفية مواجهة التطرف وظاهرة الإرهاب وأشياء أخري .. فماذا قال؟
لماذا فشل اللبنانيون في اختيار رئيس منذ أكثر من عام ونصف إلى الآن ؟
اللبنانيون يستطيعون التغلب على المشاكل مهما طال الأمد، والحالة الحالية في جزء كبير منها أغراض شخصية والجزء الأصغر أغراض سياسية وتاريخ لبنان حافل بإشكاليات نتجت عند انتخاب رئيس جمهورية. ولقد فشلنا 32 مرة في اختيار رئيس الجمهورية، وفقا للاقتراع السري من خلال البرلمان اللبناني والذي يحتم فوز الرئيس بحصوله علي أغلبية الثلثين، وهناك عناصر خارجية كانت تحاول التأثير علي اختيار رئيس الجمهورية، وهناك من يرشح نفسه ولا يستطيع أن يؤمن عددا من النواب يكفلون له النجاح.
لماذا تعارض قوي 14 آذار وجود الجنرال ميشال عون في منصب رئيس الجمهورية؟
الجنرال "عون" نكنّ له كل الاحترام والتقدير لتاريخه الحافل ولكن نريد رئيسا لكل اللبنانيين فرئيس الجمهورية، هو رمز الدولة ورمز وحدة الوطن، ويتطلب وجوده أن يكون مؤيدا من بيئته وباقي طوائف المجتمع اللبناني، وعون يؤمن التغطية اللازمة لحزب الله لإعطائه شيئا من الشرعية في حمل السلاح واستمرار الوجود، وهذا ما نرفضه لأننا نرى أن ذلك ينقص من السيادة اللبنانية.
وفقا للواقع الحالي فإنه لا يوجد رئيس محتمل يملك مثل تلك الصفات في الوقت الحالي، فلماذ لا تلجأون للاقتراع المباشر علي الرئيس؟
الأمور بالفعل أصبحت معقدة، ولكي أكون منصفا فإن هذه الصفات لا تتوفر في الجنرال "ميشال عون" ولا "سمير جعج" وطالما هذه الأسماء مطروحة لن تظهر أسماء أخري ولكن من ناحية أخرى يجب احترام الدستور ولا بديل في لبنان عن رئيس توافقي، يجمع اللبنانيون ونعمل كقوي سياسية على وضع مواصفات توافقية يتمتع بها الرئيس تسهل الإختيار، ومن الصعب اللجوء لاختيار الرئيس من خلال الإقتراع المباشر، فنحن في لبنان نحترم الفرض والجماعات، ونظامنا الانتخابي قائم علي التعايش المشترك بعد أن خضنا حرب أهلية دامت 20 عاما، واختيار الرئيس من خلال الاقتراع المباشر ينهي أزمة سياسية راهنة ولكن قد يشعل الأوضاع مرة أخرى.
في ظل ثورات الربيع العربي ألا تخشى القوي السياسية أن يتحرك الشارع اللبناني لتغيير هذا الوضع؟
الشباب يرى أن الآفاق مسدودة بسبب تشابك الوضع الداخلي وصدمات الخارج في (العراق وسوريا والشعب اللبناني) يدرك أننا نمر بظروف عصيبة، ويجب علينا أن نحافظ علي الدستور واستقلال سيادة لبنان واستقرار الشعب اللبناني، وليس لدينا بديل يؤمن هذه الاختيارات.
بصفتك وزير مالية سابق، كيف تقيِّم الوضع الاقتصادي اللبناني حاليا؟
هناك نمو سلبي في الناتج المحلي؛ مما يؤدي إلي فقدان مزيد من فرص العمل، وخسرنا 20 مليار دولار من خلال الفرص الضائعة التي لم تستغل في الإقتصاد.
نريد نظرة من سيادتكم علي أوضاع اللاجئين في لبنان وكيف يتم التعامل معهم؟
أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان مليون و200 ألف لاجىء، وأنا أسألك كيف تتعامل معهم لبنان في ظل وضع اقتصادي سىء، ولا يقتصر اللاجئون في لبنان علي السوريين فقط؛ بل هناك عراقيون وفلسطنيون والمجتمع الدولي لا يقدم الدعم الكافي فنحن حاليا لدينا ما يقرب من مليون و700 الف لاجىء، واللاجئين يحتاجون لكل مقومات الحياة مثل باقي الشعوب يحتاجون إلي تعليم وصحة ومسكن إلي آخره والإمكانات اللبنانية لا تستطيع توفير كل ذلك.
كيف تقيم الوضع في سوريا ؟
مشكلة العالم العربي الاستبداد. وقد ظهر جليا بعد نكبة فلسطين وجاءت أنظمة بانقلابات عسكرية لتقول جئنا لنحرر الأرض وفشلت هذه الأنظمة في استرداد الأرض، أو أن توفر لشعوبها العيش الكريم، والنظام السوري هو مثال حي للاستبداد في المنطقة فمظاهرات الشعب السوري علي مدار 8 شهور كانت سلمية واستطاع النظام السوري تحويلها إلي حرب أهلية والشعب السوري ضد الإرهاب وضد العنف وضد "داعش"، داعش التي هي صنيعة الأنظمة الاستبدادية فداعش استولت علي الموصل بسبب حكم نور المالكي الاستبدادي.
ما سبب عدائك المستمر لإيران ؟
إيران تستخدم "حزب الله" كوسيلة لتوسعاتها في المنطقة وليس للدفاع عن القضية الفلسطينية.
العلاقات الروسية البنانية إلي أين ؟
لا نرى روسيا عدوا لنا، ولكن روسيا دخلت سوريا من الباب الخطأ فاستقطبت عناصر من إيران لمحاربة التطرف، فكيف يمكن للتطرف أن يحارب التطرف والشعوب العربية بما فيها لبنان تريد علاقات مع روسيا قائمة على احترام السيادة.
كيف تقيم العلاقات المصرية اللبنانية الحالية؟
العلاقات المصرية اللبنانية ليست جديدة، فهي منذ قدم الحضارة المصرية ومصر دائما وأبدا تدعم الشعب اللبناني واستقرار وسيادة الدولة اللبنانية، ويجب على مسئولي الدولتين إزالة العوائق أمام المستثمرين، وأن تكون هذه الاستثمارات موضع تقدير وليست موضع تعجيز.
بصفتك أحد أهم الخبراء الماليين كيف تقيم فرص الاستثمار في مصر؟
أي مستثمر يبحث عن الربح والاستثمار لم يعد قاصرا علي دولة معينة والعالم كله أصبح قرية صغيرة، فهو يبحث عن أفضل المجالات ربحًا وأقلها مخاطرة فيما يخص المخاطر السياسية وغير السياسية، ونحن الآن لا نتنافس مع فراغ فعالم المعرفة يمكن المستثمر بلمسة من إصبعه أن يعرف أفضل الفرص المتاحة أو كم يتكلف الاستثمار، وما هي التسهيلات وكذلك سرعة تصفية الأعمال، فكلما أعطت مصر مؤشرات إيجابية فيما سبق زادت فرص الاستثمار بها.
كيف تقيم دور الأزهر في مواجهه الإرهاب؟
"أحمد الطيب" لديه موقف حاسم من الإرهاب، ويرى أن الإسلام دين التسامح وأن من يفعلون مثل هذه الأشياء هدفهم الرئيس تشويه الإسلام والعروبة وأخذوا علي عاتقهم تكفير الآخرين ولم يسمعوا قول الله تعالى: (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، فالخطاب المنغلق أدى إلي هذه المفاهيم وتصليح الخطاب الديني والتعليم الديني هو الأساس لمواجهة التطرف، وإذا أصلحنا الدعاة ستنصلح الدعوة ونحن ندمر أبناءنا ونخلق عداوات مع الآخرين نحن لا نخاف من العالم ولا نريد إخافة العالم.
ما هو دور جامعة الدول العربية في مواجهة أزمات الأمة العربية الحالية؟
تعاني الأمة العربية من محاولات تشرذم وتفتت والمجموعات الإرهابية، التي تستخدم الدين والدين منها براء لتبعد الأمة عن قضايها الأساسية، ولا بديل عن عمل عربي موحد؛ لأن العواقب سوف تكون وخيمة، ولأن جملة التحديات التي تواجه الأمة العربية سواء أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية والتراجع العربي في كل المجالات يتطلب تجديد شباب الجامعة العربية الإطار الجماعي الوحيد الموجود حاليًا، وهو في غاية الأهمية وينبغي تطوير ميثاق جامعة الدول العربية بما يتوافق واحترام حقوق الإنسان، ومواجهة دعوات الطائفية المذهبية من خلال الإيمان بالعروبة المستنيرة.