محاكاة فلكية ضخمة تكشف تفاصيل مذهلة للكون
تمكن فريق من العلماء من استخدام أسرع حاسوب فائق في العالم لإظهار الكون كما لم يُشاهد من قبل.
وكشف فريق من مختبر Argonne الوطني الأمريكي عن أكبر محاكاة حاسوبية للكون تم إنشاؤها حتى الآن، حيث تغطي مساحة هائلة تصل إلى 311296 ميغا فرسخ مكعب من الفضاء (وحدة قياس حجم تستخدم في الفلك والفيزياء الفلكية لوصف أحجام المساحات الكبيرة في الكون)، ما يسمح برؤية مجموعات ضخمة من المجرات تتجمع على مدار مليارات السنين. لكن المدهش في الأمر أن هذا المنظر لا يمثل سوى 0.001% فقط من المحاكاة بأكملها.
وتتيح هذه المحاكاة الهائلة للعلماء التحقيق في تطور الكون وفهم الدور الذي تلعبه المادة المظلمة، التي يعتقد أنها تؤثر في الكون عبر الجاذبية فقط.
ويقول قائد المشروع، الدكتور سلمان حبيب: "هناك مكونان في الكون: المادة المظلمة التي تتفاعل فقط بالجاذبية، والمادة التقليدية أو الذرية، وإذا أردنا فهم الكون بشكل كامل، نحتاج إلى محاكاة كلا العنصرين".
وفي الوقت الذي يستطيع فيه علماء الفلك النظر إلى الماضي البعيد للكون من خلال تلسكوبات قوية، مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي، فإن هذه الصور توفر لنا لمحات فقط عن كيفية ظهوره في مراحل سابقة. وللحصول على صورة أشمل لتطور الكون، يحتاج العلماء إلى محاكاة هيدروديناميكية تشمل جميع القوى التي شكلت الكون، مثل الغاز الساخن وتكوين النجوم والثقوب السوداء والمجرات.
ويضيف حبيب: "هذه المحاكاة تتطلب محاكاة الجاذبية إلى جانب جميع القوى الفيزيائية الأخرى".
وتكمن الصعوبة في أن محاكاة الكون على هذا النطاق تتطلب قوة حسابية ضخمة. وفي السابق، كان علماء الفلك يتجاهلون بعض القوى والعوامل في محاكاة الكون.
لكن الآن، باستخدام حاسوب "فرونتر" العملاق في مختبر Oak Ridge الوطني، أصبح بالإمكان محاكاة الكون على هذا المقياس الهائل. ويتمتع "فرونتر" بقدرة على إجراء أكثر من كوينتيليون، أو مليار مليار، عملية حسابية في الثانية الواحدة.
وعلى الرغم من القوة الحسابية الهائلة لهذا الحاسوب، فإن العملية استغرقت أكثر من عقد من الزمان لتحسين الكود والتكنولوجيا اللازمة لإجراء محاكاة هيدروديناميكية بهذا الحجم.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، تمكّن العلماء من استخدام 9000 عقدة حوسبية في "فرونتر" لمحاكاة الكون المتوسع الذي يمتد عبر أكثر من 31 مليار ميغا فرسخ مكعب.
وتعد هذه المحاكاة من بين أكبر الخرائط الفلكية التي أنشأتها أقوى التلسكوبات، إذ تتضمن أيضا تأثيرات المادة المظلمة التي تعد أحد أكبر الألغاز في الفيزياء الفلكية. ورغم أننا لا نستطيع ملاحظة المادة المظلمة مباشرة، فإن المحاكاة مثل هذه تتيح لنا فهم دورها في تشكيل الكون.
ولم يصدر الفريق بعد أي تحليلات بناء على هذه المحاكاة، لكن العلماء يتوقعون أن تكشف النتائج عن اكتشافات علمية مثيرة قد تغير فهمنا لطبيعة الكون.