المصري القديم والأخلاق
كلمة (بي-م-هرو) فرعونية، وتُرجمت إلى اللغة العربية، ومعناها الخروج إلى النهار، وأكثر شيوعًا بكتاب الموتى أو الانتقال من دار الشقاء إلى دار البقاء.
في هذا الكتاب الجميل تحثنا العديد من نصوصه على الارتقاء بإنسانية الإنسان والسمو بها، والتسامح والأمانة والصدق، وكل القيم النبيلة، وليس فقط الاهتمام بالإنسان فحسب، ولكن الحيوانات والنباتات أيضًا، كل هذا من أجل إسعاد البشر، ومن هنا أيضًا قامت أعظم الحضارات التي تعد أقدم الحضارات الإنسانية؛ لأنها كانت حضارة قائمة على العدل والأخلاق؛ كما قال الملك المصري القديم مين خيبرورع: "نحن الأمة التي صنعت الأخلاق، وإن هذه الحضارة ليست عشوائية، ولكن لها خطة ثقافية وأخلاقية وعلمية، ففي العالم الآخر - أي عالم ما بعد الموت، العالم الأبدي - كان المصري القديم يقف أمام أوزريس إله الموت، ويسأله القضاة عدة أسئلة؛ منها: هل حافظت على جسدك طاهرًا؟ هل امتدت يدك لغضبك يومًا؟ هل سكرت حتى فقدت عقلك؟ هل سلبت حرية أحد؟ هل تملكك الغُرور؟ هل مزَّقت الغيرة قلبك؟ هل نظرت إلى امرأة غير زوجتك؟ هل نسيت أن تسقي نباتًا؟ هل عاملت من هو أقل منك بالطريقة التي تكره أن يعاملك بها مَن هو أكبر منك؟ كان الحكيم (آني) يجيب عن هذه الأسئلة وهو يتصبب عرقًا من شدة الخوف، ويقول: لَم أُلوث مياه النيل، وكنت عينًا للأعمى، ويدًا للمشلول، ورِجلاً للكسيح، لم أحلف كذبًا، لم أغش في الميزان، لم أزنِ، لم أسرق!.
فعندما يقول المصري القديم: إنني لم أنظر إلى زوجة جاري، ولم أزنِ، فهذا يعني أن المصري القديم كان طاهرًا، وعندما يقول: إني لم أسرق، فهذا يعني أنه كان أمينًا، وعندما يقول: إني لم أكذب، فهذا يعني أنه كان صادقًا، وعندما يقول: إني لم أغضب، فهذا يعني أنه كان حكيمًا، حقًّا صدق المصري القديم مين خيبرو رع.
إن قانون الأخلاق أتى من مصر القديمة، وتعلَّم منه العالم أجمع، فمصر حقًّا علمت العالِمَ العِلمَ والأخلاق، فأين نحن من أجدادنا هؤلاء؟