علي بن أبي طالب.. باب مدينة العلم وأول فدائي في الإسلام
"ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبى بعدى.."، كلمات قالها النبى صلى الله عليه وسلم، لسيدنا على بن أبى طالب عندما استخلفه على المدينه، وهو خارج إلى غزوة تبوك، وفي (صحيح مسلم)، عن زر، قال: قال عليٌّ رضي الله عنه،: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، إنّه لعهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يحبني إلاّ مؤمنٌ ولا يبغضني إلا منافق).
أول فدائي في الإسلام
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رابع الخلفاء الراشدين، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول من أسلم من الصبيان، وفى أيام الهجرة عندما اعتزم المشركين على قتل رسول الله نام فى فراش النبى فأصبح أول فدائى فى الإسلام، ولد قبل البعثة النبوية بعشر سنين فى 13 رجب فى السنة الثالثة والعشرين قبل الهجره، وأقام في بيت النبوة فكان أول من أجاب إلى الإسلام من الصبيان، وزوجته فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ووالد الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
وكان على موضع ثقة النبى صلى الله عليه وسلم محمد، فكان أحد كتاب القرآن أو كتاب الوحي الذين يدونون القرآن في حياة النبي، وكان أحد سفرائه الذين يحملون الرسائل ويدعون القبائل للإسلام، شهد بيعة الرضوان وأمره النبى حينها بتدوين وثيقة صلح الحديبية، وبعث النبى خالد بن الوليد إلى اليمن ليدعوهم فبقى هناك ستة أشهر فلم يجبه أحد، فبعث على بن أبى طالب إلى اليمن فأسلمت على يديه قبيلة همدان كلها، وتتابع بعدها أهل اليمن في الدخول إلى الإسلام؛ ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي يذهب فيها علي إلى اليمن حيث ولاه النبى قضاء اليمن لما عرف عنه من عدل وحكمة في القضاء، وقال النبى صلى الله عليه وسلم فى فضله فيما رواه الحاكم فى المستدرك، "أنا مدينة العلم وعلى بابها، فمن طلب العلم فليأت إلى الباب".
مدينة العلم
ومن أقوال الإمام على بن أبى طالب،: "أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه، والعلم مخزون عند أهله قد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه".
وبعد هجرة النبي عليه الصلاة والسلام آخى بين المهاجرين والأنصار، وجعل لكل أنصاريٍ أخًا من المهاجرين، حتى إذا فرغ عليه الصلاة والسلام مِن دمجهم في هذا الإخاء العظيم رنا بصره تلقاء شابٍ عالي الجبهة، ريَّان النفس، مشرق الدين، وأشار النبي لهذا الشاب أن أقبل، فأقبل عليه، أجلس النبي عليًا إلى جواره وربت على كتفه وضمَّه إليه، وهو يقول: "وهذا أخي".
عهد الخلافة
شهد على بن أبى طالب مع النبى صلى الله عليه وسلم جميع الغزوات إلا غزوة تبوك التى استخلفه فيها على المدينة، وبعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم انتقلت الخلافة إلى أبو بكر الصديق، ثم بعده عمر بن الخطاب، ثم لعثمان بن عفان، وبعد مقتل عثمان، بويع علي بن أبي طالب للخلافة بالمدينة المنورة 25 ذي الحجة سنة 35 من الهجرة، فبايعه جميع من كان في المدينة من الصحابة والتابعين.
لقد استقبل - رضي الله عنه - عهد خلافته بأيام سود وفتن كقطع الليل المظلم؛ فاقتحم الغمرات فلم يجد - رضي الله عنه - بين يوم بيعته ويوم مقتله ساعة خلا فيها من فتن تثار، وخوارج تنتقض عليه، ومشكلات تتوالد، وخصوم متكاثرة، فلا زال منذ تولى الخلافة في قلق واضطراب.
وفى 17 رمضان سنة 40 من الهجره كان علي يؤم المسلمين في صلاة الفجر في مسجد الكوفة، وفي أثناء الصلاة ضربه عبدالرحمن بن ملجم بسيف مسموم على رأسه، فقال علي جملته الشهيرة: "فزت ورب الكعبة"، ثم حمل على الأكتاف إلى بيته، وظل السم يسري بجسده إلى أن توفى بعدها بثلاثة أيام، تحديدا ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ عن عمر يناهز 64 عامًا.