خبير آثار يكشف عن مواطن الإبداع في الثقافة العربية والإسلامية
كشف الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى بوزارة الآثار عن مواطن الجمال في الحضارة العربية قبل وبعد الإسلام، موضحا أن آثار وتراث وأدب الوطن العربى ينطق بهذه المعانى حيث بلغ تقدير العرب للجمال والفن درجة جعلتهم يكتبون مختاراتهم الجميلة من فن الشعر بماء الذهب ويعلقونها على الكعبة المشرفة.
وأوضح ريحان- فى تصريح له، اليوم الخميس، أن هذا الجمال تجسد فى روائع الأداب والفنون المتمثلة فى الحدائق المعلقة والقصور والأسوار والمعابد والمنحوتات والرسوم والفسيفساء والآثار الفخارية والعاجية، وازدهرت هذه الحضارة العظيمة ونمت بعد بزوغ فجر الإسلام وتميزت بظهور الفكر العربى الإسلامى فى تخطيط المدائن الإسلامية، ومنها المدينة المنورة ومكة المكرمة ودمشق وبغداد والقاهرة، واتصلت الحضارة الإسلامية بالغرب وتأثرت بها وأثرت فيها فى مجال الفنون والعمارة الإسلامية.
وقال "إن إبداع العرب فى ميدان البلاغة الكلامية فى فن الشعر والبلاغة التشكيلية والأسلوب التجريدى فى الفنون والزخارف الإسلامية قد استمد من آيات القرآن الكريم "ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون"، "لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار"، "الله نور السموات والأرض".
وأضاف أن العرب اعتادوا على حسن اختيار أسماء بناتهم وأبنائهم من مبدأ "لكل امرئ من اسمه نصيب"، ومن أسماء بناتهم "آنسة" وتعنى المحبوب قربها وحديثها، و"بثينة" المرأة الحسناء، و"زهراء" بيضاء كالدر، و"زينة وحسناء"، و"شماء" أى طويلة الأنف، و"عبلة" المرأة الجميلة التامة الخلق، و"غادة وغيداء" وتعنى الناعمة، و"لميس" لينة الملمس، و"ميسون" الحسنة القد والوجه، و"نجلاء" الواسعة العينين وأهدابها طويلة، كما اختاروا أسماء بناتهم من أسماء أجمل الطيور والكواكب والنباتات والجواهر ومنها "رشا، ريم، قمر، ثريا، هالة".
وتابع أن العرب تغنوا بجمال الطبيعة وعناصرها وجواهرها واشتهرت دمشق بأزهارها وورودها، وأشهرها الوردة المسماه "الوردة الدمشقية" المتميزة بلونها الأحمر أو الأبيض وشذاها وعبيرها مما أسهم فى نشوء صناعة العطور بدمشق، كما تغنى العرب والمسلمون بجمال الحياة ووجدوا فى عذوبتها ما يحررهم من متاعبها، وارتبط الجمال بالحق والخير والمثل العليا، لافتا لاعتبار المسلمين الجمال صورة من الصور الرئيسية للمثل الأعلى الإنسانى.
جدير بالذكر أن المثل الأعلى للجمال ينشأ من أوضاع بيولوجية مختلفة للإنسان وأحداث وظروف تاريخية واجتماعية، وينعكس هذا الجمال فى روائع الفنون والعمارة والتذوق الفنى، وقد أبدع المسلمون في فكرة اللانهائية من مبدأ هو الأول والآخر والظاهر والباطن فنشأت الوحدات الزخرفية المتكررة إلى ما لا نهاية لتثير التأمل والتفكير فى هذا الكون الشاسع الملئ بالأسرار والتساؤل عن البداية والنهاية والمصير.