عاجل
السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

استمرارًا لمسلسل إهمال الآثار في الإسكندرية.. "عمود السواري".. بناه الرومان لتخليد الإمبراطور "دقلديانوس".. والمصريون يُشوّهونه بـ"الحمير والخرفان"

مزار عمود السواري
مزار "عمود السواري"

مازال التعدى على المناطق الأثرية فى الإسكندرية مستمرًا فى ظل غياب الأجهزة التنفيذية بالدولة، وهو ما يهدّد بتدمير الكثير من القطع الأثرية، "العربية" فى السطور القادمة تُواصل رصد الأماكن الأثرية بعاصمة مصر الثانية التى يتم التعدى عليها.

ومن هذه الأماكن التى يُحيطها الإهمال مزار "عمود السواري"، الذى أصبح قادرًا على ضرب نموذج للمزار الأثرى "المُنفّر" لزوّاره، بعد فقده معايير الجذب السياحى للأجانب والمصريين على حد سواء، رغم أنه يعتبر أعلى نُصب تذكارى فى العالم، الذى أقيم سنة 292 ميلادية تمجيدًا للإمبراطور الرومانى "دقلديانوس"، ويبلغ ارتفاعه 27.85 متر.

لايوجد فى أى بقعة فى العالم مزار أثرى تطل واجهته على سوق شعبية وقهوة، ويحيطه من الخلف "مقلب قمامة" إلا فى عروس البحر المتوسط، فلم تكن منطقة "كرموز" ذات الطابع الشعبى هى السبب الوحيد وراء عزوف المواطن عن زيارة "عمود السواري"، وإنما تسبّبت الفوضى المُنتشرة بنطاق شارع العمود فى هذه الحالة من النفور.

وإذا قمت بزيارة عمود السوراي، فلابد أن تصطدم بعدد لا نهائى من باعة الخردوات والأقمشة الذين يفترشون الشارع بالكامل، حتى أن بضاعتهم غطّت قضبان ترام الإسكندرية الذى يمر بنفس الشارع، فى واحد من أكبر المشاهد الفوضوية التى تشهدها المدينة.

ورغم أن محافظة الإسكندرية اهتمت بعمل "باكيات للباعة الجائلين" العام الماضى -كما حدث بكل أسواق المدينة- إلا أن المشروع فشل -كما حدث أيضًا بكل أسواق المدينة- حيث اعتبر الباعة أن الباكيات مساحتها صغيرة ولا تجذب المواطنين للشراء، كما أن المحافظة وفرّت 210 باكيات فقط فى سوق يتواجد بها أكثر من 700 بائع، مما دفعهم لمعاودة الوقوف فى شارعى "باب سدرة وعمود السواري" يوميًا من الظهر إلى المغرب لاجتذاب أكبر عدد ممكن من الزبائن، وفشلت جميع حملات الإزالة فى ردع الجائلين وإنهاء هذه العشوائية التى أصبحت سمة مميزة للشارع منذ سنوات.
أما عن مدخل المزار السياحي، فهو يُطل مباشرة على "قهوة بلدي" على الرصيف المقابل، التى ساهم موقعها وشكلها فى زيادة تشويه المنطقة بشكل عام.

كما أن منطقة "مدافن العمود" التى تقع نهاية الشارع وتتسبّب يوميًا فى التكدس المرورى بالمنطقة خاصة فى أوقات الظهر والعصر، بسبب إقامة مراسم تشييع الجنازات والدفن يوميًا، حتى أصبح لفظ "العمود" دليلًا على مقابر غرب الإسكندرية لدى أغلب المواطنين، وليس مركزًا للمنطقة السياحية.

بينما تأتى مهازل الجزء الخلفى من المزار أكثر بكثير من واجهته، حيث لا يخطر فى بال أى زائر لمنطقة عمود السواري، أن هذا الأثر العريق، تقع خلف أسواره واحدًا من أكبر مقالب القمامة فى الإسكندرية، حيث يفصل سور واحد ما بين الحضارة والتأخر فى كادر واحد، نادرًا ما يجتمع بهذا الشكل، ويُلاصق أكوام القمامة إسطبل للخيول التى يُربيها الأهالى؛ لاستخدامها في "جر الكاريتات" التى تشتهر بها المنطقة، بخلاف تربية الماعز والخراف فى نفس المنطقة السكنية، حيث أوضح أهالى المنطقة أنهم يعتمدون على العمل على"الكاريتات" ولذا يقومون بتربية الحمير والخيول، ويلجأ أغلبهم لأرض خلاء تتوسط مجموعة المساكن الشعبية مملوكة لحى غرب لركن عرباتهم فيها ليلًا، دون تدخل أى مسئول لمحاولة وقف تلك التعديات وإنقاذ محيط مزار أثرى يعود عمره لأكثر من 1700 عام.

من جانبه قال محمد فهيم، رئيس حى غرب الإسكندرية، إن الحى حرص خلال الفترة الأخيرة على شن أكثر من حملة إزالة للباعة الجائلين بشارع عمود السواري، ورغم كثرة الحملات والغرامات إلا أن الباعة يعودون إلى أماكنهم ثانية فى كل مرة، واعدًا بدراسة مشروع تطوير "الباكيات" كى يتم إلزام الباعة بالعودة إليها، كما أعلن عن تشكيل لجنة من إدارة الرصد البيئى بالحى لرفع المُخلفات والقمامة المُتراكمة بجوار سور المزار بهدف إعادة رونقه وقيمته الحضارية.
نقلا عن النسخة الورقية