حق الشعب
لم يلبث مجلس النواب
بدء أولى جلساته في الانعقاد حتى بدأت تتوالى المشاكل والإشكاليات من المجلس وبعض
أعضائه، أولها كانت بسبب المُخالفة الصريحة لنصوص المواد 104 و127 من أحكام
الدستور المصري المُعدّل في 2014 وبعد أن مرّت المشكلة الدستورية كسحابة صيف عابرة
ظننا خيرًا أننا بدأنا في التحضير للعمل الجاد وانتخابات نزيهة وسرية لرئيس مجلس
النواب والوكيلين، ولكن للأسف لم يكن الأمر بهذه السهولة ولم يكن ظننا في محله،
فقد حدثت مشاكسات وأخطاء من البداية في طريقة الانتخابات التي استلزم القانون أن
تكون سرية، وشاهدنا الارتباك الشديد من أمانة المجلس في إعداد المكان للانتخابات؛
ثم مشكلة أخرى كيف يمكن لباقي الأعضاء معرفة زملائهم المُرشحين للرئاسة، وخيرًا
فعل رئيس الجلسة الافتتاحية بالسماح لمرشحي رئاسة مجلس النواب بالتعريف بأنفسهم
وما هي خبراتهم السابقة؛ ولكن لم تتم الفرحة كاملة، وذلك عندما صادر رئيس مجلس
النواب بعد انتخابه حق مُرشحي مقاعد الوكيلين في التعريف بأنفسهم لزملائهم كما حدث
له، لكنه أكد أنه لم يكن راضيًا عن مسألة التعريف هذه لأنها غير منصوص عليها في اللائحة
وهو أمر مُستغرب لأنه تقريبًا لم يتم الاستناد للائحة إلا قليلًا وإلا تعتبر
انتخابات رئيس مجلس النواب "باطلة" أصلًا من الأساس لمُخالفتها اللائحة
بالسماح بالتعريف بالمُرشحين دون نص؟!
وبعد
فاصل من المشاكل بين النواب وبعضهم البعض، وأيضًا ظهور البعض بالمظهر غير اللائق..
كانت الطامة الكبرى.. بموافقة أعضاء مجلس النواب بمنع "البث المباشر"
لجلسات مجلس النواب، وكأننا لا نستطيع ضبط أنفسنا كأعضاء.. وكأن الحل هو في حجب ما
يحدث داخل مجلس النواب عن الشعب، ونسى وتناسى الأعضاء حق الشعب "صاحب
الدستور" في العلانية التي نصت عليها المادة 120 من الدستور.. وأن العلانية
لا تتحقق في مثل هذا الزمان إلا بـ"البث المباشر"، وليس فقط السماح
للصحفيين البرلمانيين بالتغطية للجلسات، ومن الناحية القانونية والدستورية طالما
من يحضر يحتاج إلى إذن وشروط فلا تتحقق العلانية حينئذ.. وهو ما يحدث مع الصحفيين
البرلمانين بالفعل، وبالتالي حق الشعب في معرفة طريقة أداء أعضائه وأسلوبهم في تناول
المشاكل والقضايا دون مونتاج أو تجميل هو "حق دستوري" يستفاد من مُجمل
أحكام الدستور وهو ما وضح في نص المادة 127 من الدستور.
السادة
النواب رفقًا بالشعب.. بث الجلسات مباشرة هو "حق للشعب" وما يحدث مُخالف
للدستور ولا تتحقق العلانية بحضور الصحفيين، وإنما بالسماح لأى أحد من الشعب المصري
بالدخول وحضور الجلسات وهو ما لم يتحقق، وبالتالي هناك شبهة عدم دستورية في قرار
مجلس النواب بعدم بث جلساته.. حمى الله مصر وشعبها وجيشها.. والله الموفق.