الدراسات الأثرية: العهدة النبوية بسانت كاترين تدعو للحفاظ على الكنائس
أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى بوزارة الآثار أن العهدة النبوية المحفوظ صورة منها بمكتبة "دير سانت كاترين"، بعد أن أخذ السلطان سليم الأول النسخة الأصلية عند فتحه لمصر 1517م وحملها إلى الأستانة وترك لرهبان الدير صورة معتمدة من هذا العهد مع ترجمتها للتركية، تدعو فى نصوص واضحة إلى الحفاظ على الكنائس والمساهمة فى ترميمها.
وأشار ريحان - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت - إلى أن العهدة النبوية هى أول وثيقة تضع نظاما لحرية الإدارة الكنسية بكل أنواعها سواء في الأسقفية أو الكاتدرائية أو المطرانية الخاصة بالأديرة أو حتى المتعبد داخل صومعته وحددت ذلك بوضوح (لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته)، كما وضعت أسس لحماية المقدسات المسيحية والمساعدة فى ترميمها بمنع التعدى على المقدسات المسيحية ولو تهدمت هذه المقدسات نتيجة عوامل أخرى يحظر على المسلم استخدام أحجارها فى بناء المساجد ومنازل المسلمين مما يعنى تركها لإعادة استخدامها فى أعمال الترميم (ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم ولا يدخل شئ من بناء كنايسهم فى بناء مسجد ولا فى منازل المسلمين) وقد أشارت العهدة لسبب ذلك فى جملة أخرى (ويعاونوا على مرمة بيعهم وصوامعهم ويكون ذلك معونة لهم على دينهم).
وحول أسباب وجود هذه العهدة، قال ريحان "إنه فى السنة السابعة للهجرة 628 – 629م أرسل النبى محمد (صلّى الله عليه وسلم) كتبه إلى الملوك والأمراء مثل كسرى وقيصر والمقوقس نائب الرومان فى مصر يدعوهم للإسلام، وأن المقوقس أكرم مبعوث النبى وزوده بالهدايا إلى النبى وليس لهذا المبعوث طريق مختصر إلى مصر سوى طريق سيناء المار بالدير، ومن المعقول أن يكون قد مر بدير طور سيناء، الذى تحول اسمه إلى دير سانت كاترين فى القرن التاسع الميلادى ذهابا وإيابا، وأن رهبان سيناء قد احتاطوا لأنفسهم وأرسلوا معه وفدا يطلع النبى على حال ديرهم ويطلب منه العهد تأمين للطريق وصيانة لديرهم ومصالحهم، وكتب هذا العهد على بن أبى طالب (رضى الله عنه) بخطه فى مسجد النبى (صلى الله عليه وسلم) وشهد عليه الصحابة.
وأكد صحة هذا العهد، فقد جرت عادة النبى وخلفائه من بعده إعطاء العهود للمسيحيين ومعاملتهم بروح التسامح ومن ذلك عهد النبى لأهل أيلة (العقبة حاليا) وعهد النبى لأهل أذرح ومقنا وعهد خالد بن الوليد لأهل القدس وعهد أبى عبيدة لأهل بعلبك وعهد عبد الله بن سعد لعظيم النوبة وأن سلاطين المسلمين أقروا هذه الامتيازات المبينة فى العهدة النبوية وذكروها فى فرماناتهم ومنشوراتهم لمطارنة الدير بل ذكروا إنما أعطوهم هذه الامتيازات بناء على العهد الذى أخذوه عن النبى، وأيده الخلفاء الراشدون.
وأضاف أنه لا يعقل أن يختلق الرهبان عهدا عن النبى لا أصل له ويطلبون فيه من السلاطين المسلمين الامتيازات الجمة بل لو أقدم رهبان سيناء على مثل هذا العمل فلا يعقل أن سلاطين المسلمين من عهد الخلفاء الراشدين يقرون رهبان سيناء على ما اختلقوه ويمنحوهم من الامتيازات ما فيه خسارة لبيت المال بدون تثبت أو تحقق من الأصل.
وتابع ريحان أن العهدة دعت لمجادلة أهل الكتاب بالحسنى وأوجبت على المسلمين حمايتهم مع أن الرهبان فى الأديرة كانوا قبل الإسلام هم المسئولون عن حماية أنفسهم لذلك أنشئت الأديرة محصنة، وبعد الإسلام وجب على المسلمين حمايتهم، وقد جاء فى العهدة (ولا يجادلوا إلا بالتى هى أحسن، ويخفض لهم جناح الرحمة، ويكف عنهم أذى المكروه حيث ما كانوا وحيث ما حلوا)، ومن يخالف هذا العهد فحقت عليه اللعنة، كما جاء فى الوثيقة (كتابا جعله لهم عهدا فمن نكث العهد الذى فيه وخالفه إلى غيره وتعدى ما أمره كان لعهد الله ناكثا ولميثاقه ناقضا وبدينه مستهزئا وللعنة مستوجبا سلطانا كان أو غيره من المسلمين المؤمنين).