السيول تهدّد "الآثار".. والمسئولون "محلك سر".. "الأكياس البلاستيكية" لحماية "تل الفراعين" بكفر الشيخ.. و"القرنة" تستغيث.. والمياه الجوفية تحاصر مساجد البحيرة
نقلا عن الورقي
• رئيس منطقة آثار الإسكندرية: 4 مبانٍ أثرية تضرّرت بسبب "النوّة" الأخيرة
يبدو أنه لم يبق أمامنا سوى التاريخ والماضى لنتباهى بهما وسط الأمم، ولكن ماذا سيبقى لنا لو ضاع هذا التاريخ وأصبح فى "مهب الريح"؟!، ذلك السؤال أصبح خطرًا واقعيًا يُهدّد المناطق الأثرية، خاصة فى ظل افتقادنا لمفهوم مواجهة الأزمة، وسط ما تشهده البلاد من تقلبات مناخية أدت إلى غرق محافظات ومدن بأكملها خلال الفترة الماضية.. "العربية" تحاول من خلال هذه السطور دق "ناقوس الخطر" قبل وقوع "الكارثة".
"كفر الشيخ".. من المحافظات التى تأثرت بالتقلبات الجوية والأمطار التى تساقطت على مدار الأيام الماضية والتى أدت إلى غرق العديد من شوارع المدن والقرى،، وكشفت الأمطار عن خطورة تعرض آثار المحافظة للغرق كون تلك الآثار مُتواجدة فى العراء، وذلك لعدم الانتهاء من إنشاء متحف كفرالشيخ الذى توقف العمل به منذ عدة سنوات لضعف الإمكانيات المادية.
وكانت "الأكياس البلاستيكية" سلاح حرّاس الآثار المُتواجدين فى معبد "تل الفراعين"، لحمايتها من تلك الكارثة المُحققة، إلا أن الإجراءات البدائية لم تكن كافية لحماية تاريخ كفرالشيخ الفرعوني من الغرق، خاصة أن المعبد المُتواجدة به تلك الآثار يقع فى وادٍ منخفض.
ورصدت "العربية" العديد من القطع الأثرية المُتواجدة فى تلك المنطقة، أهمها تمثالان على هيئة "أبو الهول" من البازلت يعودان إلى الأسرة التاسعة والعشرين، وتمثال للإله "حورس الصقر" من أروع التماثيل التى اكتشفت فى مصر حتى الآن، بالإضافة لتمثال مزدوج من الجرانيت الوردى للملك رمسيس الثانى والإله "سخمت"، ولوحة من الجرانيت الأسود تعود لعصر الملك تحتمس الثالث من عصر الأسرة الـ18، هذا فضلاً عن لوحة "هبات" تعود لعصر الملك تحتمس الثالث وأعلى اللوحة منظر يمثل الملك تحتمس الثالث راكعًا يسكب الماء المقدّس ويقدّم القرابين، إضافة إلى عشرات القطع الأثرية الهامة التى تنتظر حمايتها من الطبيعة قبل حمايتها من لصوص الآثار.
من جانبه أكد عبدالناصر حجازي، مدير منطقة آثار كفر الشيخ، أن المنطقة تقدّمت بمشرع متكامل لحماية المعبد والآثار المتواجدة داخل "تل الفراعين" من العوامل الجوية بما فيها مياه الأمطار، وأن ذلك المشروع يهدف إلى إقامة "تندات" ومجارى لصرف مياه الأمطار التى تتجمع داخل المعبد، لافتًا إلى أنهم حاولوا رفع 6 قطع أثرية كبرى متواجدة فى وادى المعبد، بواسطة الأوناش إلا أنهم لم يتمكنوا من رفعها نظرًا لثقل وزنها وصعوبة نقلها إلى داخل المخازن، مشيرًا إلى أن النحّاتين يعملون فى الوقت الراهن على ترميم القطع الأثرية المتواجدة فى العراء عن طريق وضع طبقة شمعية عليها لحمايتها من مياه الأمطار.
وكانت "الإسكندرية"، صاحبة نصيب الأسد فى "النوّات" الجوية، واعترف محمد متولي، رئيس منطقة الآثار، بأن النوّات المُتلاحقة التى تتعرّض لها المدينة أثرّت على بعض المبانى الأثرية بالمدينة، ومن المتوقع أن يستمر هذا التأثير طوال فصل الشتاء، خاصة أن أغلب حوائط المبانى الأثرية القديمة تعانى من الرشح، بسبب الأمطار الغزيرة، بالإضافة لاحتفاظ الجدران بكم كبير من الرطوبة، مما يؤثر على أساساتها فى حالة إن لم تتم معالجتها سريعًا.
وكشف "متولي"، فى تصريحاته لـ"العربية"، أن هناك 4 مبانى أثرية تضرّرت جراء النوّة الأخيرة، ويأتى أولها "صهريج بن النبيه" بمنطقة الشلالات وسط الإسكندرية، والذى سبق ومر بأعمال ترميم سابقة فى أجزاء أصابتها عوامل التعرية، خاصة أن الصهريج يتكون من 3 طوابق من الأعمدة وكل طابق به 16 عمودًا جرانيتيًا، مشيرًا إلى أنه يأتى على رأس أولويات لجنة الترميم بوزارة الآثار.
وكانت ثانى المبانى التى تعرّضت للضرر هو مبنى محكمة الحقانية بالمنشية، والذى تم إخلاؤه وإخضاعه لعملية ترميم منذ سنوات لا تنتهى بسبب خلافات فى أولوية الترميم ما بين وزارتى الآثار والعدل، إلا أنه تم ملاحظة ظهور تشققات بالمبنى نتيجة زيادة معدل الرطوبة بعد تزايد تساقط الأمطار الفترة الماضية، مما دفع وزارة الآثار لعمل تغطية للسطح الخارجى بطبقات من الإسفنج و"البولى سيرين" لحماية الزجاج الملون المُعشق الذى يشغل القبة والنوافذ، بهدف حماية المبنى من مياه الأمطار وتجنبًا لحدوث تصدعات فيه أو انهيار أجزاء منه لحين استئناف مشروع ترميم وتطوير المبنى المتوقف.
بينما تعرّضت جدران مسجد الشوربجى الواقع بنطاق حى الجمرك بوسط الإسكندرية للرشح بسبب مياه الأمطار، علمًا بأن المبنى كان قد تم إدراجه ضمن المبانى الأثرية المُرمّمة منذ 5 سنوات، إلا أن أعمال الترميم به ظلت مُعلّقة بسب خلافات على الميزانية ما بين وزارتى الآثار والأوقاف، حيث يتكون من طابقين، الأول يشمل مجموعة من المحال والعلوى للصلاة "مسجد معلق".
وأوضح "متولي"، أن مياه الأمطار تسبّبت فى إحداث ماس كهربائي، فى واجهة المسجد وحرق بعض الألواح الخشبية الموجودة بسطح المسجد، وتحرّكت هيئة الآثار وقامت بمعالجة الأمر وتغيير لوحات الكهرباء من المسجد والوكالة الأثرية التابعة له.
وقال "متولى": إن متحف المجوهرات فى منطقة زيزينيا، كان الأقل تضررًا خلال النوّة الأخيرة، حيث شهد المتحف وجود تسريب لمياه الأمطار من النوافذ المنتشرة بأرجاء المتحف، إلا أن العمّال تحرّكوا سريعًا لتجفيفها قبل أن تنزل على الأرضيات أو على التحف المعروضة داخل المتحف.
وفى الأقصر، تعد قرية "القرنة" التى بدأ إنشاؤها فى عام 1946، من أكثر المناطق الأثرية المُهدّدة بخطر السيول، فالقرية التى تحتوى على الكثير من الكنوز الأثرية والفرعونية وتاريخ مصر القديم، تحتاج إلى الإنقاذ حيث تسبّب الإهمال فى تعرّض منازلها للسقوط.
كما لم تسلم المناطق الأثرية بمدينة رشيد فى محافظة البحيرة، من الخطر الداهم نتيجة السيول والأمطار الشديدة التى تعرّضت لها مدن وقرى المحافظة مما جعلها مُهدّدة بالخطر، بالإضافة إلى مُحاصرتها بالمياه الجوفية، خاصة المساجد والمنازل الأثرية.
ومن المساجد الأثرية التى تعرّضت للتصدّع بسبب الأمطار فى رشيد "مسجد المحلى"، والذى يعتبر ثانى مساجد رشيد التاريخية من حيث المساحة بعد مسجد زغلول، وتم بناؤه عام 1721 ميلادية، ويضم 99 عمود رخام وله 6 أبواب مُزخرفة، حيث يعانى من إهمال المسئولين مما أدى لتوقف العمل به منذ بضعة سنوات بسبب غرقه فى مياه الصرف الصحى والمياه الجوفية والأمطار.
ومن الأماكن الأثرية التى تعرّضت للتصدّع من مياه السيول والأمطار بالبحيرة أيضًا "حمام عزوز" الأثرى الذى يقع جنوب رشيد وأصبح فى حالة سيئة للغاية وفى حاجة ماسة للترميم، خاصة أنه مُغلق منذ سنوات، حيث إن الحمام مكون من دورين.
ويعتبر مسجد "المحلي"، من أكثر المناطق الأثرية التى تحتاج إلى الإنقاذ السريع بالمحافظة، خاصة بعد موجة الإهمال التى اغتالته، ومحاصرة المياه الجوفية له.